بحوث المقام
بحث دلالي :
تدلّ الآيات الشريفة على امور :
الأوّل : أن الأموال والأولاد وكثرة العدد والعدّة التي يعدّها الإنسان في حياته ، مسخّرة تحت إرادة الله عزوجل ، وقد يصرفها على ضد ما يريده الإنسان ، فيؤيّد الله تعالى الفئة القليلة فتغلب الفئة الكثيرة بإذنه عزوجل ، ففي الآية الشريفة الموعظة البليغة للإنسان بعدم الاغترار بما عنده من الأسباب الظاهريّة ، فلا بد من التوجّه إليه تعالى واستمداد العون منه عزوجل.
وهذه الآيات الشريفة ترشد الإنسان إلى التحفّظ على نفسه وشدّة الحيطة ، لئلا يغفل عن الله تعالى وينسى ذكر ربّه فيقع في المهالك ، قال تعالى : (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) [سورة الحشر ، الآية : ١٩].
كما أنها تبيّن أنه لا بد من الارتباط مع عالم الغيب الذي نسبته إلى الإنسان كنسبة الروح إلى الجسد ، فلا أثر لأحدهما بدون الآخر ، وهذا الارتباط منه ما هو غير اختياري ، وأن له التأثير التام ولا يحيط به إلا العليم العلّام ، ومنه ما هو اختياري ، وهو إما أن يكون التفاتيّا تفصيليّا ، وهو مختصّ بأخصّ الخواص ، وإما أن يكون إجماليّا ولجميع أفراد الإنسان ، بل الحيوان له حظ من ذلك ، ففي الحديث : «مهما أبهموا عن شيء لا يبهمون عن خالقهم ورازقهم وموضع سفادهم» ، ولعلّ الله عزوجل بفضل العلوم الحديثة يكشف عن بعض أسرار هذا الارتباط.
الثاني : يدلّ قوله تعالى : (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ) ، على أن الكفر والباطل ممحوق لا محالة ، وأن الحقّ لا يمكن الغلبة عليه وإزالته ، وبمضمون ذلك آيات اخرى ، قال تعالى : (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ) [سورة التوبة ، الآية : ٣٢] ، وقال