بحث أدبي :
مقتضى الاستعمالات المتعارفة الأخذ بعموم اللفظ وإطلاقه ، ما لم تكن قرينة معتبرة على الخلاف ، وأن زمان صدور الكلام ومكانه والأمور العامّة المحفوفة بالكلام لا تصير مقيّدة ومخصّصة للإطلاق أو العموم ، وعلى ذلك جرت سيرة الإفادة والاستفادة بين الناس في كلّ كلام يصدر من كلّ متكلّم لكلّ مخاطب.
وطريقة (القرآن) لم تخرج عن طريقة العرف ، فقد وافقتها في جميع ذلك ، لأن آيات القرآن الكريم كلّيات واقعيّة حقيقيّة ، ومطابقتها لزمان خاص أو مكان مخصوص من باب الانطباق لا التقييد الحقيقي ، فما ذكره المفسّرون في شأن نزول هذه الآية الكريمة انطباقي قهري ، لا أن يكون تحديدا لمعناها بوجه من الوجوه ، فالآية الشريفة تشمل جميع ما يصحّ انطباقها عليه ، من أول نزولها إلى آخر الدنيا ، انطباقا حقيقيّا واقعيّا ، كما هو الشأن في جميع القضايا الحقيقيّة.
بحث روائي :
في تفسير القمّي في قوله تعالى : (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهادُ) ، أنها نزلت بعد بدر لما رجع رسول الله صلىاللهعليهوآله من بدر أتى بني قينقاع وهو يناديهم ، وكان بها سوق يسمّى سوق النبط ، فأتاهم رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : يا معشر اليهود ، قد علمتم ما نزل بقريش وهم أكثر عددا وسلاحا وكراعا منكم ، فادخلوا في الإسلام ، فقالوا : يا محمد ، إنك تحسب حربنا مثل حرب قومك؟ والله لو لقيتنا للقيت رجالا ، فنزل عليه جبرئيل فقال : يا محمد : (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ).
أقول : روي قريبا منه في المجمع ، وفي الدر المنثور عن ابن إسحاق وابن ير ، والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس.