أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ) ، قال أبو جعفر عليهالسلام : «شهد الله أنه لا إله إلّا هو ، فإن الله تبارك وتعالى يشهد بها لنفسه ، وهو كما قال. فأما قوله : والملائكة ، فإنه أكرم الملائكة بالتسليم لربّهم وصدقوا وشهدوا كما شهد لنفسه ، وأما قوله تعالى : (وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ) ، فإن أولي العلم الأنبياء والأوصياء ، وهم قيام بالقسط ، والقسط هو العدل».
أقول : أما جهة إكرام الملائكة ، لأنه تعالى ذكرهم بعد نفسه الأقدس ، وأما التسليم لربّهم ، فلا ريب في أن المجرّدات مطلقا خاضعة خضوعا تكوينيّا لله جلّ جلاله ، لذاته ولجميع صفاته ، خصوصا لوحدانيّته تعالى ، وقد تقدّم أنّه جلّت عظمته يتجلّى لهم بوحدانيّته ، فتكون شهادة الملائكة بالتوحيد بتجلّيه تبارك وتعالى لهم بتلك الصفة ، ولو لوحظ مراعاة الاصطلاح تكون شهادتهم من عين اليقين ، فضلا عن حقّ اليقين.
وأما قوله عليهالسلام : «وهم قيام بالقسط» ، فهو من ذكر المصدر من باب المبالغة في التعبير ، والاختصاص للقيام بالقسط بخصوص أولي العلم ، بل يشمل الملائكة أيضا ، وقد أثبتوا في العلوم الأدبيّة أن الوصف لا مفهوم له. وأنّ ذكر الأنبياء والأوصياء من باب ذكر أهم المصاديق البشريّة.
في تفسير العياشي ـ أيضا ـ : عن محمد بن مسلم ، قال : «سألته عن قوله تعالى : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) ، فقال : الدين فيه الإيمان».
أقول : لا ريب أن للإسلام مراتب كثيرة ، قال سبحانه وتعالى : (قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ) [سورة الحجرات ، الآية : ١٤] ، ومعلوم أن مجرّد الذكر اللفظي لكلمة التوحيد مع عدم الاعتقاد القلبي به ، وعدم العمل بمقتضياته ، يصحّ سلب الإيمان والإسلام والتوحيد عنه ، كما هو ظاهر كثير من السنّة المباركة.
نعم ، لذلك أثر خاص وهو حفظ الدماء والعرض والمال صونا للجامعة الإسلامية.