(إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٢١) أُولئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ (٢٢))
بعد ما بيّن سبحانه وتعالى أعظم شهادة منه جلّت عظمته ، وهي الشهادة بالوحدانيّة ، وذكر جلّ شأنه حقيقة الدين ، وأنه واحد لا اختلاف فيه ، وهو الجامع بين أفراد الإنسان في هدف واحد بالتسليم لوجهه تعالى ، وأن هذا الدين من الفطرة ولا يجهلها أحد ، والاختلاف فيه من البغي والظلم الذي يذكرها كلّ ذي وجدان ، ثم ذكر سبحانه وتعالى محاجّة النبيّ صلىاللهعليهوآله مع الكفّار ومشركي العرب ، وأمره بالتسليم له تعالى ، وإنما عليه البلاغ ، فلا يضرّه من يكفر ، وفي ذلك تسلية له صلىاللهعليهوآله.
وفي هاتين الآيتين يذكر اليهود وكفرهم بآيات الله ومحاجّتهم مع آياته سبحانه وتعالى ، وقتلهم أنبياء الله والمؤمنين الموحّدين ، وقد أوعدهم الله بالعذاب الأليم بعد ما أسدلوا على أنفسهم حجبا ظلمانيّة ، تستر الضمائر والبصائر وتظلم القلوب والسرائر فحقّت عليهم الخيبة ، وما لهم من ناصرين ينقذونهم من هذا المصير ويرفعون عنهم العذاب الأليم.
التفسير
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ).
مادة كفر تأتي بمعنى الستر ، قال لبيد :
في ليلة كفر النجوم غمامها
وهي من المواد الكثيرة الاستعمال في القرآن الكريم بهيئات مختلفة ، وذلك لأنّ من أهمّ مقاصد القرآن العظيم هي الدعوة إلى التوحيد ونبذ الشرك والاختلاف ، وتوجيه الإنسان إلى الكمال المنشود له ، وإزالة العقبات التي تصدّه عن