ذلك ، ومن أعظمها الكفر وجحود الحقّ ، ولأجل ذلك تكرّر ذكرها لإرشاد الناس وتثبيت الحجّة عليهم.
ويطلق الكافر على الزارع ، لأنه يستر البذر تحت الأرض ، قال تعالى : (كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ) [سورة الحديد ، الآية : ٢٠] ، كما ان ستر النعم كفران لها.
وفي عرف الكتاب والسنّة تستعمل الكلمة في ستر العقائد الحقّة وعدم الاعتقاد بها وجحودها مطلقا ، فإن أظهر الإيمان والاعتقاد وأخفى الجحود فهو (المنافق) ، وإن أظهر كفره بعد إظهار الاعتقاد أو الإيمان فهو (المرتد) ، فإن قال بالشرك في الالوهية فهو (المشرك) ، وإن تديّن أو أعتقد ببعض الأديان الإلهيّة المنسوخة فهو (الكتابي) ، وإن ذهب إلى قدم الدهر وإسناد الحوادث إليه فهو (الدهري) ، وإن كان لا يعتقد بالمبدأ والباري فهو (المعطل) أو الملحد.
والمراد بقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ) هم اليهود ، بقرينة ما يأتي.
قوله تعالى : (وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍ).
القتل إزالة الروح عن الجسد كالموت ، لكن الثاني يضاف إلى الله تعالى ، والأوّل يضاف إلى الفاعل فكلّ قتل موت ولا عكس ، فالاختلاف بينهما بالاعتبار لا بالذات ، ولفظ (بغير حق) قيد توضيحي ، لا أن يكون احترازيّا ، لأن قتل النبيّين لا يكون إلّا بغير الحقّ ، نظير قوله تعالى : (وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ لا بُرْهانَ لَهُ) [سورة المؤمنون ، الآية : ١١٧] ، فإن الشرك مع الله سبحانه وتعالى لا يعقل أن يكون مع البرهان.
وذكر هذا الوصف لبيان قبح أعمالهم وبشاعتها وانقطاع العذر عنهم ، بعد عرفان الحقّ وظهوره.
والفعل في المواضع الثلاثة : يكفرون ، ويقتلون في الموضعين ، يدلّ على الاستمرار والثبوت ، أي : أن عادتهم ودأبهم جرت على الكفر بآيات الله تعالى بعد