أهمية ذلك اليوم والتهويل فيه من جهات :
منها : نفس الجمع الذي تدهش منه العقول واستيلاء الحيرة على الناس والذهول.
ومنها : أن ذلك اليوم لا ريب فيه ، فهو من الأمور التكوينيّة الذي لا بد من المصير إليه ويعمّ الجميع.
ومنها : إضافة الجمع إليه سبحانه وتعالى ، التي يستفاد منها كمال هيمنته عليه الدالّة على عظم الفعل والصنع.
الثامن : يستفاد من قوله تعالى : (وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) ، كمال العدل في ذلك اليوم ، فهم مع ظلمهم لا يظلمون في النقص من الأعمال والجزاء ، فلا ينقص من إحسان المسيء ولا يزاد على إساءته ، وهو يدلّ على نفي الظلم عنه عزوجل ، ويدلّ عليه البرهان العقلي أيضا ، وسيأتي في الموضع المناسب التفصيل إن شاء الله تعالى.
التاسع : تدلّ هذه الآية وأمثالها ـ مع اختصارها ـ على ثبوت المعاد ، وعلى كيفيّة الجزاء ، وقد دلّت على كلّ واحد منهما الأدلّة العقليّة.
بحث روائي :
في أسباب النزول : عن السدي في قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ) : «دعا النبي صلىاللهعليهوآله اليهود إلى الإسلام ، فقال له النعمان بن أدفى : هلم يا محمد نخاصمك إلى الأحبار ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : بل إلى كتاب الله تعالى ، فقال : بل إلى الأحبار ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وفي الدر المنثور : عن ابن عباس قال : «دخل رسول الله صلىاللهعليهوآله بيت المدارس على جماعة من اليهود فدعاهم إلى الله ، فقال له نعيم بن عمرو والحارث بن زيد : على أي دين أنت يا محمد؟ فقال : على ملّة إبراهيم ، قالا : إنّ إبراهيم كان يهوديّا ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : فهلمّوا إلى التوراة فهي بيننا وبينكم ، فأبيا عليه ، فأنزل الله تعالى هذه الآية».