وعن الكلبي : أن الآية نزلت في قضية اللذين زنيا من خيبر ، وسؤال اليهود النبي صلىاللهعليهوآله عن حدّ الزانيين.
أقول : هذه الروايات قاصرة الدلالة ، مضافا إلى ضعف إسنادها ، وسيأتي الكلام في الرواية الأخيرة في قوله تعالى : (يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ) [سورة المائدة ، الآية : ١٥].
بحث أخلاقي :
الغرور : هو استعظام النفس أو عمل من أعمالها أو صفة من صفاتها ، بحيث يوجب قصر النظر وانحصاره في ذلك وقطعه عن خالقه ومدبره ومديره ، وهو من مبادئ الشرك ، بل نفسه لدى النفوس القدسية ، قال تعالى : (وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ) [سورة يوسف ، الآية : ١٠٦].
والغرور رذيلة من الرذائل الخلقيّة ، بل يمكن أن يسمّى بأم الرذائل والخبائث.
وقد استعملت مادة (غرر) في القرآن الكريم في موارد شتّى مقرونة بالذم ، قال تعالى : (وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً) [سورة الإسراء ، الآية : ٦٤] ، وقال تعالى : (إِنِ الْكافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ) [سورة الملك ، الآية : ٢٠] ، ويكفي في ذم الغرور أن الدنيا تسمّى بمتاع الغرور ، قال تعالى : (وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ) [سورة الحديد ، الآية : ٢٠] ، لأنها من مراتع الشيطان ، وهو يوجب الحرمان عن جملة من مكارم الأخلاق والبعد عن ساحة الرحمن.
وإذا لا حظ المغرور نفسه رأى أنه ممكن من الممكنات ، وحقيقة الممكن هي العدم المحض بالنسبة إلى ذاته ، وإنما يكون له حظ من الوجود من حيث الإضافة إلى جاعله وخالقه بحسب ما قدر له ، فهو الربّ المدبّر لأحواله وجميع شؤونه وإضافاته وخصوصياته ، وأن ما يحصل له يكون في معرض الزوال ، فهو لا حول له ولا قوة له إلّا بالله العليّ المدبّر العظيم ، فلا يبقى موضوع للغرور ، وما يعتقده