(قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٦) تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَتُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ (٢٧))
الآيتان من جلائل الآيات القرآنيّة تبيّن عظمة الباري جلّ شأنه وهيمنته وجبروته ، وسيطرته على جميع الموجودات سيطرة ملكوتيّة ، عمّت تمام المخلوقات بجواهرها وأعراضها وجميع اضافاتها وتبدّلاتها وحالاتها. وهما تبعثان في نفس المخاطب عظمة الله سبحانه وتعالى وكبرياؤه وتمام قدرته. فهو القائم على شؤون خلقه والمالك الذي يتصرف في ملكه كيف يشاء ، لا يعجزه شيء وهو العليم بأسرار خلقه والمدبّر لهم تدبير حكمة.
والآية المباركة تبيّن سرّ الوحدة الحقيقيّة التي ظهرت في أعيان التكثّرات ، وأنها بدت من الواحد بالذات والصفات.
وفيها تلقين للعباد كيفية التمجيد والثناء والابتهال ، يتّحد فيه الداعي والمدعو والدعاء فهو الله بالتحقيق والركن الوثيق والجار اللصيق ، كلّ ذلك بأسلوب رفيع ونظم بديع ونسق لطيف.
التفسير
قوله تعالى : (قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ).
خطاب (قل) موجّه إلى سيد الأنبياء باعتبار وجوده الجمعي وواسطة الفيض وغاية الإفاضة ، ليشمل جميع ذوي العقول والروحانيين ، بل يصحّ الشمول للجمادات أيضا ، لأن خطابات الله المقدّسة بالنسبة إلى الحقائق التكوينيّة شاملة للجميع ، كما في قوله تعالى : (فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا