[سورة يونس ، الآية : ٨٨ و ٨٩] ، كما أن في التعليق على المشيئة إشارة إلى أنه تعالى غير مجبور في أفعاله ، وإن كانت تجري وفق المصلحة والحكمة التامّة.
قوله تعالى : (وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ).
مادة (عزز) تأتي بمعنى المنيع الذي لا ينال ولا يغالب ولا يعجزه شيء ، فيكون صعب المنال. وبهذه العناية يطلق على الشيء النادر الوجود أنه عزيز ، وفي المأثور : «إذ أعزّ أخوك فهن» ، أي إذا غلبك ولم تقاومه ، فلن له.
ومن أسمائه تعالى (العزيز) ، أي الغالب القوي الذي لا يغلب ولا يعجزه شيء ، كما أن من أسمائه تعالى (المعزّ) ، أي واهب العزّة لمن يشاء من عباده ، وقال تعالى : (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) [سورة التوبة ، الآية : ١٢٨] ، أي صعب وشديد عليه ، وقال تعالى : (وَعَزَّنِي) [سورة ص ، الآية : ٢٣] ، أي غلبني.
والعزّة والذلّة متقابلان ، فالذليل هو الذي يغلب عليه ويعجزه كلّ شيء ، سواء كان بالقهر وبلا اختيار ، كقوله تعالى : (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ) [سورة البقرة ، الآية : ٦١] ، وقال تعالى : (وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلاً) [سورة الإنسان ، الآية : ١٤] ، وفي الحديث : «اللهم اسقنا ذلل السحاب» ، أي ما لا رعد فيه ولا برق. أم بالاختيار ، قال تعالى : (وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِ) [سورة الإسراء ، الآية : ٢٤] ، وقال تعالى : (أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) [سورة المائدة ، الآية : ٥٤] ، وقال تعالى : (وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها أَذِلَّةً) [سورة النمل ، الآية : ٣٤].
ومن أسمائه تعالى : «المذل» ، أي هو الذي يلحق الذلّ بمن يشاء من عباده وينفي عنه أنواع العزّة.
وهما من الأمور التشكيكيّة التي لها مراتب كثيرة ، وهما اما دنيوية أو اخروية أو هما معا ، والعزّة أعمّ من الملك ، وهي قد تكون حقيقيّة ، وهي التي يمنحها الله تعالى لعباده المخلصين وأوليائه المقرّبين ، قال تعالى : (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) [سورة المنافقون ، الآية : ٨] ، وقد تكون وهميّة خياليّة تابعة للملك