تسمّى ب «أسباب الفعل» ، وهي :
الأول : هو العلم بالفعل ولو على نحو الإجمال ، وفي الجملة لئلا يكون من طلب المجهول المطلق الذي هو قبيح من العاقل ، بل هو محال في نفسه ، لأن توجّه النفس إلى شيء لا يتحقّق إلا بتعين ذلك الشيء في الجملة.
الثاني : المشيئة بمعنى توجّه النفس إلى طلبه إجمالا.
الثالث : التقدير ، وهو التفات النفس إلى خصوصياته كما وكيفا ومن سائر الجهات.
الرابع : القضاء ، أي : حكم النفس بإيجاده خارجا.
الخامس : إبرام هذا القضاء ، أي الاستقامة فيه وجعله بحيث لا يتخلّف.
السادس : الإرادة الموجودة للفعل.
وهذه كلّها موجودة في كلّ فعل اختياري يحصل من الفاعل المختار ، ولو كان هو الله تعالى الخالق القهّار.
نعم ، في الإنسان واقعها موجودة في النفس ومرتكزة فيها إجمالا وإن لم يعلم بها تفصيلا ، ولا يضرّ ذلك ، لأنها بوجودها الواقعي مقتضية لحصول الفعل لا بوجودها العلمي التفصيلي الفعلي.
وأما بالنسبة إلى الله تعالى فمن حيث إحاطته الوجودية فوق ما نتعقّله من معنى الإحاطة ، فإن جميع تلك الأمور موجودة ومعلومة له تعالى تفصيلا ، فهو عالم بجميع أطوار وجود الفعل وشؤونه ، بل عالم بما سواه كلّية وجزئية قبل الإيجاد وبعده وجميع مراتب التغيّرات والتبدّلات ، وكذلك هو عالم بقدره وقضائه وإمضائه وإبرامه وإرادته ـ التي هي عين فعله الأقدس ـ علما تفصيليا إحاطيا.
ويمكن تقليل ما ذكرناه من الأسباب بإدخال بعضها في البعض ، ويمكن تكثيرها بتفصيل بعضها إلى امور ، ولذا اختلفت الأحاديث الشريفة الواردة في أسباب الفعل قلّة وكثرة.
وكيف كان ، فقد وقع الكلام في أن هذه الأسباب من صفات الفاعل أو من