وإبقاء ، وتدبيرا وافناء ، وإيجادا بعد الافناء ، ويشهد لذلك ما ورد في بعض الدعوات المعتبرة : «اللهم إني أسألك باسمك الذي تبلي به كلّ جديد ، وتجدّد به كلّ بال».
ومنها : أنه يمكن أن يستفاد من قوله تعالى : (وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِ) ونظائرها من الآيات المباركة ، القاعدة التي نقلت عن بعض قدماء فلاسفة اليونان ، وهي : «ان كلّ شيء في كلّ شيء» ، وأثبتوها بالبراهين وأطالوا القول في النقض والإبرام حولها ، والمراد منها أن جميع ما في هذا الكون من العناصر والمواد والآثار والصور تكمن في كلّ شيء كمونا هيولائيّا ، فيمكن أن يستخرج أحد الضدين من الآخر ، كما يستخرج في هذه الأعصار من مادة النفط ـ مثلا ـ كثير من الأمور التي ربما يكون أحدها مضادا للآخر.
ولعلّ نظرية الفلسفة الديالكتيكيّة القائلة بأن كلّ شيء يحمل ضدّه ، مأخوذة من هذه القاعدة ، وكذا نظرية داروين القائلة بالتنازع في البقاء وبقاء الأصلح ، وإن كان لنا كلام في هاتين النظريتين يأتي في الموضع المناسب إن شاء الله تعالى.
وكيف كان ، فإن كانت الأشياء حاملة لكلّ شيء ، فهي لا تخرج عن قدرته ، بل هي داخلة تحت قدرته وربوبيّته العظمى وقهّاريته التامّة ، كما يدلّ عليه ذيل هذه الآية الشريفة : (إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
ومنها : أنه يمكن أن يستدلّ بقوله تعالى : (تُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ) ، وأمثال هذه الآيات الشريفة على الحركة الجوهريّة الثابتة في ذوات الأشياء وحقائقها ، بدعوى أن تلك الحركة إما بذاتها لذاتها من ذاتها ، أو بذاتها من غيرها ، والأوّل باطل مع فرض الإمكان وإجماع الشرائع الإلهيّة على حدوث الأشياء ، فيتعيّن الثاني ، والمحرك الأوّل هو القديم الأزلي ، وقد أثبت جمع من الفلاسفة وجود الله تبارك وتعالى بالحركة ، فتكون الحركة الجوهرية ثابتة في الحقائق من محرك غيبي ، وهو الله تعالى ، ولا محذور فيه من عقل أو نقل.
وهذه الآية الشريفة تدلّ على وجود الحركة في جميع الأشياء من النقص إلى الكمال ، ومنه إلى الأكمل حدوثا وبقاء ، لكن هذه الحركة مستمرة مع جميع جهاتها