التفسير
قوله تعالى : (لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ).
الاتخاذ هو الأخذ مع الاعتماد والثقة والمشي على الطريقة والعمل بالسيرة ، يقال : «لو كنت منا لاتخذت بأخذنا» ، أي على طريقتنا وشكلنا. والمراد بالمؤمنين كلّ من أسلم ودخل في دين الإسلام ، كما أن المراد من الكافرين كلّ من أنكر الإسلام ، فيشمل أهل الكتاب والمشركين وغيرهم.
والأولياء جمع الولي كالأذكياء جمع ذكي ، والمراد بالولي في المقام ونظائره هو الخليل والمحبوب ، بحيث يتقرّب أحد إلى آخر ويمتزج معه امتزاجا روحيّا يوجب التأثير عليه ، فيكون أحدهما تابعا والآخر متبوعا في العمل والمودّة والمحبّة وسائر شؤون الحياة ، فإن دلّت قرينة معتبرة خارجيّة على التخصيص بشيء معين تتبع ، وإلّا فيؤخذ بالإطلاق.
والآية تنهى عن اتخاذ الكافرين أولياء والركون إليهم والاتصال معهم مع الانفصال عن المؤمنين والابتعاد عنهم ، وهي عامّة تشمل جميع أسباب الاتصال والركون إليهم في الأخلاق والتصرّفات والموادّة ، فضلا عن إيثار محبّتهم على محبّة المؤمنين ، قال تعالى : (بَشِّرِ الْمُنافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً* الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً) [سورة النساء ، الآية : ١٣٨ ، ١٣٩] ، وقال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً مُبِيناً) [سورة النساء ، الآية : ١٤٤] ، وقال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) [سورة المائدة ، الآية : ٥١] ، ويشهد لتعميم الولاية قول