أكثر من عشرين موردا ، وفي الجميع يراد منها الذات دون ما يرادف الروح التي ترتبط بالبدن قال تعالى : (قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ) [سورة التحريم ، الآية : ٦] ، وقال تعالى : (كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) [سورة البقرة ، الآية : ٥٧] ، وقال تعالى : (وَجاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ) [سورة التوبة ، الآية : ٤١] ، ولا ريب في صدق الذات بالمعنى الكلّي بالنسبة إليه جلّ جلاله ، للقاعدة التي أثبتها الفلاسفة وقرّرتها الشريعة أن كلّ شيء لا يستلزم ثبوته النقص بالنسبة إليه تبارك وتعالى يصحّ اتصافه به ، ولا ريب أن الذات كذلك.
نعم ، لا بد أن نقول في المقام ما ورد عن أهل البيت عليهمالسلام من أنه : «ذات لا كالذوات ، وشيء لا كالأشياء».
ولكن لم يرد إطلاق الذات عليه تعالى في القرآن الكريم بخلاف النفس ، ولعلّ ذلك لأنّ النفس أقرب إلى فهم المخاطبين من لفظ الذات ، ولأنّ النفس لوحظ فيها الإدراك والشعور ، بخلاف الذات ، فإنها أعمّ من ذلك ، ولا ريب في تحقّق الحذر والتحذير من لفظ النفس في المقام ، إذ ليس المراد من النفس مفهومها من حيث هو ، بل الذات القهّارة والجبّارة فوق ما يتعقلّ من معنى ذلك.
وقد حذّر سبحانه وتعالى من يتولّى الكافرين ذاته الأقدس في هذا المورد ، لأنّه هو الله تعالى العزيز الجبّار شديد العقاب ، الذي لا يعجزه شيء ، ولا عاصم عنه ، فلا ناصر ولا شفيع غيره.
ومن تعليق التحذير على نفسه يستفاد أن التحذير إنما يكون عن نفسه القادر على إنفاذ ما أوعده ، والذي لا يعجزه شيء ، وأنه يكفي نفس الذات في ذلك من دون استعانة بشيء.
وفيه نهاية التهديد وعظيم التوعيد ، فإن شدّة العقاب تتبع قوة المعاقب وقدرته على تنفيذه ، ولبيان أنه ليس هناك من يدفع عنه العقاب والعذاب ، فهو قضاء حتمي ، لا بد أن يقع عند تحقّق المخالفة ، وهذا من ملاحم القرآن الكريم الذي أخبر عزوجل به قبل وقوعه ، كما نراه بالوجدان.