العزّة ، فتستولّي عليه خشية هذا الربّ العظيم ، ويسعى كمال السعي لأن يتقرّب إلى وجهه الكريم ، فقد جمعت هذه الآيات الكريمة التحريض والترغيب إلى الكمال المطلق ، والتخويف عن سطوة العليم الخبير الحقّ المبين.
وفي الآية الشريفة التحذير عن النفاق والموادّة مع من حاد الله تعالى ، وعن ولاية الكفّار فإنه لا تخفى عليه ضمائركم وإليه المصير ، وهو محاسبكم على كلّ ذلك.
قوله تعالى : (وَيَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ).
تأكيد لإحاطة علمه بما سواه من جميع الممكنات ، لأنه خالق لها وهو يعلم ما خلق ، وتقدّم الكلام في تفسير هذه الآية في سورة البقرة ، الآية : ٢٨٤.
قوله تعالى : (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
تأكيد لهيمنته على ما أحاط به علمه الأتم ، فإن إثبات القدرة بعد ثبوت العلم فيه عزوجل تأكيد بليغ على الإحاطة القيوميّة والهيمنة والقهّارية. فإن كلّ مخالفة له ـ سواء كانت مخفية في الضمائر ، أم بادية على الظواهر ـ أن الله تعالى يعلمها ومحاسبكم عليها وقادر على مجازاة فاعلها ، فان مصيركم إليه تعالى.
وفي الآية الشريفة تأكيد على عموم قدرته ، وأنها تتعلّق بكلّ شيء ، فهي تشمل جميع ما سواه بكلّ ما هو ممكن إلّا ما كان مستحيلا ذاتا ، فإن القدرة لا تتعلّق به لقصور المقدور حينئذ ، لا ثبوت النقص في قدرته عزوجل ، ولا فرق في الممكن بين الحقائق الواقعيّة ـ الجوهريّة أو العرضيّة ـ والأمور الاعتباريّة ، كالملك والعزّة والذلّة والجزاء ونحو ذلك ، فإن كلّ ممكن يقع تحت قدرته ، سواء كان الوجود هو المعلول والمترشّح من وجود العلّة ، أم كانت الماهيّة ، فإن جميع ذلك مفتقر إليه تعالى.
نعم ، بعض الأمور له تأصل في الواقع ، والبعض الآخر ليس له كذلك ، بل هو تابع لجعل الحقائق الواقعيّة ، ولكن ذلك لا يستلزم الخروج عن تحت قدرته.
وإن شئت قلت : إن مقدورية الأشياء له تعالى أعمّ من أن تكون بدون الواسطة أو معها ، لانتهاء الجميع إليه عزوجل ، وأنها مفتقرة إليه ، كما هو كذلك في