سلسلة العلل والمعلولات.
ومن ذلك يعلم النظر في ما عن بعض المفسّرين من الإشكال في تعلّق القدرة بالأمور الاعتبارية ، لأنها غير مستندة إليه عزوجل ، إذ لا وجود حقيقي لها أصلا ، وإنما وجودها اعتباري لا يتعدّى ظرف الاعتبار والوضع ، فاستشكل في انتساب ما في الشريعة من الأحكام التكليفيّة والوضعيّة إليه تعالى ، لأن كلّها امور اعتبارية. ولكنه أجاب عن ذلك بأنها وإن كانت كذلك ، إلّا أن آثارها امور حقيقيّة مقصودة تنسب إليه عزوجل وتتعلّق بها القدرة.
وما ذكره قدس سرّه تطويل بلا طائل تحته ، فإن تعلّق القدرة بالأثر عين تعلّقها بمنشإ الأثر ، فإنه إذا تعلّقت بأحدهما تتعلّق بالآخر ، وكونها أمرا اعتباريا لا يوجب عدم الانتساب ، وما سواه يفتقر إليه تعالى ومنسوب إليه عزوجل إما بواسطة أو بغيرها ، كما عرفت.
قوله تعالى : (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً).
بيان لما تقدّم في الآيات الشريفة وشرح إجمالي لبعض خصوصيات المصير إليه ، وإعلام بكشف الحقائق ، وظهور الأعمال وبروز الأسرار وما تطويه الضمائر والأحوال ، وإرشاد للتحذّر عمّن خضعت له الأملاك والأفلاك ، والتعريض للعباد بالرأفة بهم في أشدّ حالات احتياجهم إليها يوم التناد ، فيكون ما في الآية الشريفة برهانا ودليلا على ما تقدّم في الآيات بأتمّ برهان وهو الوجدان.
وتجد من الوجدان وهو حضور الشيء لدى النفس ، وهو إما في الدنيا ، وذلك إما أن يكون عين الواقع كالإحساس بحرارة النار أو برودة الماء ونحو ذلك ، أو تكون من الأمور الوجدانيّة المستعملة في العلوم التي تكون مشوبة بالتخيّلات والأوهام حتى تعدّ بعض المعتقدات من الوجدانيّات.
وأما في الآخرة وهو كشف الواقع بما هو عليه في نفس الأمر بلا مدخلية شيء من الوهم والخيال فيه ، وهو الوجدان الحقيقي.
والظرف «يوم» متعلّق بالمصير في قوله تعالى : (وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ) ، الذي