الأحكام الإلهيّة ، والنهي عن المعاصي التي لها الآثار المهلكة والواقعة قريبا ، والتي لا تنفع في رفعها شفاعة الشافعين ، فإذا تعرّض لها أحد من عباده فإنها تصيبه ويقع في سخطه وخذلانه.
والمراد من النفس : الذات الداركة بمراتبها المختلفة غير المتناهيّة ، فيطلق عليه تعالى وعلى غيره حقيقة حسب المرتبة ، ولا حاجة فيها إلى تعدّد المعاني والاستعارة كما تقدّم.
وإنما أضاف التحذير إلى نفسه الأقدس ، لأن العلم والحكمة عين ذاته المقدّسة ، والذات هي المنشأ لجميع الحوادث في الدنيا ، التي هي جنود الله تعالى فيها ، وهي مسخّرات تحت أمره ، وكذلك في العقبى التي لا حدّ لها ، قال تعالى : (وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) [سورة الفتح ، الآية : ٧] ، فالتحذير من مثل هذه الذات موافق للعقل والفطرة إذا توجّه الناس إليه في الجملة ، وقال علي عليهالسلام : «احذر الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك حيث نهاك».
ويستفاد من الآية الشريفة أهمية التحذّر من الله تعالى ، كما أنها ترشد إلى حكم عقلي ، لأنه واجب في النظام الأحسن ، فإن إرشاد الناس إلى المهلكات وتحذيرهم عنها واجب على الحكيم العلام تعالى.
والتحذير منه تعالى تترتب عليه آثار كثيرة متعدّدة الجوانب ، فإن من الآثار التي تترتب عليه إنما هو استقامة الإنسان ، التي هي أشرف غاية وأعظم كمال ، بل هي منتهى الكمالات ، وهي قرّة عين الأنبياء ومطلوب كلّ عبد صالح ، قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) [سورة فصلت ، الآية : ٣٠].
ومن الآثار المترتّبة عليهم تنظيم الروابط بأحسن وجه بين العبد وبين الله تعالى وبين أفراد الإنسان بعضهم مع بعض.
ومنها : أنه يوجب استشعار العبد عظمة الله تعالى ، فيكون خائفا منه عزوجل مراقبا لنفسه.