ومنه المحبوب ، ولم يرد اسم الفاعل من حبّ المتعدّي ، فلا يقال : أنا حاب ، كما أنه لم يرد اسم المفعول من (أحب) إلا قليلا كقول الشاعر :
ولقد نزلت فلا تظني غيره |
|
مني بمنزلة المحبّ المكرم |
بحث دلالي :
تدلّ الآيات الشريفة على امور :
الأول : إنما عبّر سبحانه بالاتخاذ في قوله تعالى : (لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ) ، لأن الاتخاذ أبلغ في المطلوب ، وليشمل جميع العلائق الروحيّة منها والماديّة ، وكلّ ما يوجب التقرّب إلى الكافر والامتزاج معه ، وقد ورد هذا اللفظ بالنسبة إلى المشركين وعبّاد الأوثان ، قال تعالى : (لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ) [سورة النحل ، الآية : ٥١] ، وقال تعالى : (اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ) [سورة التوبة ، الآية : ٣١] ، إلى غير ذلك من الآيات الشريفة. ومن ذلك يظهر السرّ في تكرار النهي في آيات اخرى ، قال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ) [سورة المائدة ، الآية : ٥١].
والآية الشريفة ترشد إلى أعظم دستور إلهي ينظم علاقات المؤمنين بعضهم مع بعض ، والعلاقات بينهم وبين أعدائهم ، الّذين لم يضمروا في أنفسهم سوى الكراهة من أعدائهم ممّا كان السبب في مشاكلهم ومتاعبهم ، وقد شدّد الله سبحانه على ترك هذا الأمر الإلهي والحكم الاجتماعي بما لم يذكره في غيره ، إذ فيه حياتهم وسعادتهم ، وكلّ ما كان المؤمنون أبعد من الامتزاج مع أعدائهم ، كلّ ما كانت سعادتهم أعظم وسيادتهم أكثر ومشاكلهم أقل ، فهلموا أيها المسلمون إلى العمل بالقرآن الكريم وجعل إرشاداته وأحكامه نصب أعينكم ، ولا يسبقنكم إلى العمل بالقرآن غيركم ، فإن فيه هلاككم وتشتت جمعكم ، وهذا من ملاحم القرآن الكريم.
الثاني : إنما ذكر سبحانه (المؤمنون) و (الكافرين) في الآية الشريفة للدلالة على أن سبب هذا الحكم هو الإيمان والكفر ، فإن بينهما أقصى التباعد والتنافر ، وهو