جميع أقسامه في أصل الخلق والصفات والكيفيات الأخلاقيّة والطبيعيّة ، والإرشاد إلى عدم إحاطة الأفهام والعقول ، كما لا يمكن الإحاطة بالمشيئة الإلهية.
والمشيئة في قوله تعالى : (يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ) ، مشيئة تقدير وإرادة مشيئة حتم ، وهو يرشد إلى اختلاف الحالات والعوارض واللوازم الواردة على النطف في الأرحام ، فإن جميع تلك الأمور ـ سواء كانت من لوازم الوجود أم من لوازم الماهيّة ، التي هي مجعولة بالعرض ـ تكون تحت القدرة الإلهية ، بل تشمل جميع التقديرات الحاصلة للإنسان كالعزّة والذلّة والسعادة والشقاوة والإيمان والكفر والعذاب ونحو ذلك ، فإن جميعها يكون في الرحم على نحو الاقتضاء والمشيئة ، كما يظهر من الأخبار ، منها قول نبيّنا الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم : «السعيد من سعد في بطن امه ، والشقي من شقي في بطن امه» ، ولا بأس بتسمية جميع ذلك بالصورة بمعناها الأعم.
ومن ذلك يعلم الوجه في تعقيب الآيات المتقدّمة بهذه الآية الشريفة ، ويصحّ أيضا أن تكون تحذيرا وتخويفا بقدرة الله تعالى ، فإنه قادر على أن يبدل صورة الإنسان إلى صورة اخرى ، إتماما للحجّة وبيانا للقدرة الكاملة ، ليرتدع الناس عن المعاصي والآثام.
قوله تعالى : (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
تعليل لما تقدّم ، وعود إلى ما بدأ به الكلام من التوحيد ، أي : هو المتوحّد في الالوهية والمتفرّد في جميع شؤون خلقه ، العزيز بقدرته وسلطانه ، لا يغلب في إرادته وقضائه ، هو الحكيم ، أي : يفعل بمقتضى الحكمة التامّة.