تعالى : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ وَلكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) [سورة الأعراف ، الآية : ٩٦] ، وقال تعالى : (أَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ) ، فقوله تعالى : (فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ) ، يدلّ أن متابعته صلىاللهعليهوآله هو الأصل في تنظيم نظام التشريع الذي يترتب عليه نظام التكوين بما شاء الله تعالى.
كما أنهم أثبتوا أنه لا بد من تحقّق العلاقة والربط بين الجاعل والمجعول ، وإن لم نقل باعتبار السنخيّة بينهما ، كما في الجاعل المطلق وخالق الخلق ، حيث دلّت الأدلّة على عدم السنخيّة بينه وبين خلقه ، وأنها بينونة صفة لا بينونة عزلة ، ولكن أصل الربط والعلقة ممّا لا بد منه بينه تعالى وبين خلقه ، وفي القرآن والسنّة المقدّسة شواهد كثيرة تدلّ على هذه العلقة والربط ، ولها مراتب كثيرة جدا ، فيصحّ أن يقال : إن محبّته تعالى سارية في جميع الموجودات من علوياتها وسفلياتها ، ولكن هذه المحبّة التكوينيّة يمكن أن تكون غير ملتفت إليها أصلا ، فالمحبّة التي وردت في هذه الآية الشريفة هي الاختياريّة منها ـ كما تقدّم ـ لأنها ملازمة لمتابعة النبيّ المختار وعليها يدور الثواب ، وعلى تركها العقاب ، ويمكن أن يجمع في بعض عباد الله تعالى قسمان من المحبّة ، فإن لهم المحبّة التكوينيّة والمحبّة الاختياريّة ، ويأتي في قوله تعالى : (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي) [سورة طه ، الآية : ٣٩] ، تتمة الكلام إن شاء الله تعالى.
بحث روائي :
في أسباب النزول والدر المنثور : «عن ابن عباس في قوله تعالى : (لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ) ، كان الحجاج بن عمرو وكهمس ابن أبي الحقيق وقيس بن زيد ـ وهؤلاء كانوا من اليهود ـ يباطنون نفرا من الأنصار ليفتنوهم عن دينهم ، فقال : رفاعة بن المنذر وعبد الله بن جبير وسعيد بن خيثم لأولئك النفر : اجتنبوا هؤلاء اليهود ، واحذروا لزومهم ومباطنتهم ، لا يفتنوكم عن دينكم ، فأبى أولئك النفر إلا مباطنتهم وملازمتهم ، فأنزل الله هذه الآية».