ومن مجموع الآيات الشريفة يستفاد أنه ليس جميع ذرّية إبراهيم عليهالسلام هم من المصطفين ، ولا جميع ذرية بني إسرائيل كذلك ، وإن كان الله عزوجل فضّلهم على العالمين ، قال تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلَى الْعالَمِينَ) [سورة الجاثية ، الآية : ١٦] ، فإن تفضيلهم على العالمين من جهة لا ينافي تفضيل غيرهم من جهات اخرى.
وأما آل عمران فهم من آل إبراهيم أيضا ، والظاهر أن المراد بهم هم ذرّية عمران أبي مريم أم عيسى ، الذي ينتهي نسبه إلى إبراهيم عليهالسلام أيضا من ناحية امه. ويدلّ على ذلك ..
أولا : اقتضاء المقام التصريح به ، لأن هذه الآيات وما بعدها نزلت في مقام الاحتجاج مع أهل الكتاب ، اليهود والنصارى.
وثانيا : خفاء الإشارة إلى عيسى بعموم آل إبراهيم.
وثالثا : عدم ورود ذكر عمران أبي موسى في القرآن الكريم مع تكرار ذكر عمران أبي مريم.
ورابعا : تعقيب هذه الآية الشريفة بالآيات الذي يذكر فيها قصة امرأة عمران ومريم ابنته ، قال تعالى : (إِذْ قالَتِ امْرَأَتُ عِمْرانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) ، فإنه قرينة على المراد من هاتين الآيتين ، فهما كالمقدّمة لبيان حال مريم ابنة عمران وابنها عيسى ، فيكون آل عمران هم عمران وزوجته ومريم وعيسى.
وأما موسى بن عمران ، فهو داخل في عموم آل إبراهيم ولا خفاء فيه ، كما هو موجود بالنسبة إلى دخول عيسى عليهالسلام ، كما عرفت.
ثم إن الحصر في الآية الشريفة ليس حقيقيا ولا مفهوم لها حتّى تدلّ على نفي الاصطفاء في غيرهم ، وقد ورد في القرآن الكريم موارد اصطفاء الله تعالى ، كما يأتي ، مضافا إلى ما ورد في السنّة الشريفة من أن أهل التقوى أهل الاصطفاء.
نعم ، للاصطفاء مراتب كثيرة تبعا لاختلاف سبب التفاضل ، قال تعالى :