و (كلما) في قوله تعالى : (كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ) منصوب ب (وجد) ، أي وجد كلّ دخلة ، ونصب المحراب على التوسع ، إذ حقّ الفعل أن يتعدّى ب (في) ، أو (إلى) وإظهار الفاعل.
و (هنا لك) في قوله تعالى : (هُنالِكَ دَعا زَكَرِيَّا) منصوب على الظرفيّة ، لأنه ظرف يستعمل للزمان والمكان ، وإن كان أصله للمكان ، وقد تجر بمن وإلى.
وقوله تعالى : (وَهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ) ، وهو قائم مبتدأ وخبر ، والجملة حاليّة من مفعول النداء. و (يصلي) حال من الضمير في (قائم) ، والظرف (في المحراب) متعلّق إما ب يصلي أو ب قائم ، لأن أحدهما يلازم الآخر في المقام.
وإنما اختلفت الجملتان في قوله تعالى : (وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عاقِرٌ) ، فكانت الاولى فعليّة ، والثانية اسميّة ، لأن الكبر مترقّب الحدوث ، يحدث شيئا فشيئا ، فلم يكن وصفا لازما ، بخلاف الثانية ، فإن العقر وصف لازم ثابت ، ولذلك صارت الجملة اسميّة.
وقوله تعالى : (قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً) يمكن إعرابه على وجهين :
الأول : أن يكون المراد بالجعل التغيير ، فيتعدّى إلى مفعولين ، أحدهما (آية) والثاني (لي).
الثاني : أن يكون الجعل بمعنى الخلق والإيجاد ، فيتعدّى إلى مفعول واحد ، وهو (آية) ، ويكون (لي) في موضع النصب على الحال من (آية) ، وصفة النكرة إذا تقدّمت عليها أعربت حالا منها.
بحث دلالي :
يستفاد من الآيات الشريفة امور :
الأول : يدلّ قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً) ، على أن الاصطفاء إنما يكون بإرادة من الله تعالى واختياره ، وليس للإنسان إرادة فيه ، فإنه جلّت عظمته أعلم حيث يجعل رسالته ، نعم إن للاصطفاء أسبابا كثيرة ، بعضها اختياري