قاب قوسين أو أدنى بما لم يحظ به الأملاك والأفلاك ، ويلحق به أهل بيته الذين هم من البضعة الطاهرة الصدّيقة ، التي تربّت في حجر رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ووصلت إلى مقام الرضا لأبيها ، وهو القائل فيها : «فاطمة مني يرضيني ما يرضيها ويغضبني ما يغضبها» ، وهي مستودع علم رسول الله صلىاللهعليهوآله ومظهر أخلاقه القدسية ، والذرّية الطيبة من نسلها ، وهم المعصومون المطهّرون الممتازون عن سائر الخلق خلقا وخلقا ، وهم أسرار الله تعالى ومظهر أسمائه وصفاته ومحال تجلّياته الخاصة ومبلغ أمره ونهيه ، وهي من تلك الذرّية المصطفاة ، التي تبقى هذه الذرّية إلى آخر الدهر لتقيم العدل وتمحق الجور.
ومن تلك الذّرّية المصطفاة مريم العذراء ام المسيح كلمة الله التي اصطفاها الله تعالى على نساء العالمين ومظهر تجليّات الله تعالى وأسمائه عزوجل ، فهي البرّة التقية العابدة الزكية الطاهرة النقية محل إبداع الله عزوجل ومورد امتحانه تعالى ومستودعة سرّه ، وهي المنذورة لله تعالى في الطاعة والإخلاص من قبل أمها الطاهرة المصطفاة أيضا المنقطعة إليه عزوجل كمال الانقطاع ، حتّى أنها ألقت عن نفسها أشدّ أنحاء العطف والحنان بالنسبة إلى وليدتها ، إخلاصا لله وقدّمتها إليه عزوجل ، من دون أن يكون في قلبها شيء سوى محبّة الله تعالى ، فحظيت مقام المحبّة فيه عزوجل ، وفتحت لها أبواب الاصطفاء فصارت بمنزلة جدّها الخليل ، حيث قال : (يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) [سورة الصافات ، الآية : ١٠٢] ، ولا بدع في ذلك فإن الذرّية بعضها من بعض ، وأن الذرّية بمنزلة الروح لهذا العالم وهو بمنزلة الجسد لها.
بحث روائي :
عن ابن بابويه عن أبان بن الصلت قال : «حضر الرضا عليهالسلام مجلس المأمون وقد اجتمع إليه في مجلسه جماعة من أهل العراق وخراسان ـ إلى أن قال ـ قال