فوق رأسه ورأسه في أسفل البطن ليسهّل الله على المرأة وعلى الولد الخروج ، قال : فإذا احتبس زجره الملك زجرة اخرى فيفزع منها فيسقط الولد إلى الأرض باكيا فزعا من الزجرة».
أقول : هذا الحديث يبيّن جملة من أسرار التكوين ببيان واضح ، والأمور التي ذكرت فيه أسرار معنوية وأسرار تكوينيّة حقيقيّة لا تنافي الأسباب الطبيعيّة المعروفة ، إذ يمكن أن يكون في شيء واحد أسباب جليّة واضحة وأسباب خفية معنوية ، لا يحيط بها إلا الله تعالى ، وهما في حاق الواقع يرجعان إلى شيء واحد ، وكلّ واحد منهما يكون من المقتضى لتحصيل المعلول ، أو يكون كلّ واحد منهما علّة تامّة مترتّبة كلّ سابقة علّة للاحقتها ، فيصير كلّ واحد علّة تامّة من جهة ومقتضيا من جهة اخرى ، كما هو شأن العلل والمعلولات المترتّبة في حصول النتيجة القصوى.
وأما قوله عليهالسلام : «النطفة التي ممّا أخذ عليها الميثاق» ، فهو مطابق للقانون العقلي ، وهو انبعاث المعلول عن علّته ، ولا ريب في أن جميع الموجودات خصوصا النطفة التي يريد أن يجعلها سويا أتم خلق الله وأهمّه ، وارتباطه تكوينا مع الله ثابت ، ويصحّ أن يعبّر عن هذا الارتباط بالميثاق ، فهو ميثاق تكويني من جهة ، واختياري من جهة اخرى ، يسمّى في الأخبار بعالم الذر والميثاق ، كما يأتي شرحه عند قوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ) [سورة الأعراف ، الآية : ١٧٢] ، ويصحّ أن يعبّر عن ذلك بالطينة أيضا ، لما ورد فيها من أخبار كثيرة.
وأما قوله عليهالسلام : «أو ما يبدو له» من البدء الذي دلّت عليه نصوص كثيرة ، ويظهر من الرواية أن البداء يكون في مرتبة الميثاق أيضا ، فالميثاق قضاء حتمي وما يبدو له غير حتمي متوقّف على البدء.
وأما قوله عليهالسلام : «فتصل النطفة إلى الرحم» هذا من الأسباب الطبيعيّة ، وقد