تقدّم آنفا أنه يمكن أن يجتمع مع الأسباب المعنوية أيضا.
وأما قوله عليهالسلام : «ثم تصير لحما تجري فيه عروق مشتبكة» ، قد ورد في ذلك كمية وكيفية نصوص كثيرة ، وقد كشف العلم الحديث كثيرا منها ، وفرّع الفقهاء على ذلك تعيين دية ما في الأرحام.
وأما قوله عليهالسلام : «ثم يبعث الله ملكين خلّاقين» ، يصحّ أن يعبّر عن القوة الخلّاقة بالملك ، لأن الطبيعة بأجزائها وجزئياتها كلّها من جنود الله تعالى.
وأما قوله عليهالسلام : «يقتحمان في بطن المرأة من فم المرأة» ، المراد من الاقتحام هو تشبيه المعقول بالمحسوس ، توضيحا للأفهام وتشريفا للملك ، فإنه مختصّ بأعالي البدن ، وفي الحديث : «نظفوا المأزقتين فإنهما محل الرقيب والعتيد» ، والملك إن كان جسما لطيفا فهو ألطف من البخار الحاصل من حركة الدم ، فاقتحامه في البطن والعروق معلوم ، ويعبّر عن ذلك في الفلسفة ب (الروح البخاري) ، وإن كان مجرّدا فهو أوضح من أن يخفى ، فيكون من سنخ الإدراكات المحسوسة التي توجب حصول صورة في النفس ، وكما أن أعالي البدن موكولة بالملك فأسافلها موكولة بافعال الشيطان ، كما يظهر من روايات كثيرة.
وأما قوله عليهالسلام : «فيصلان إلى الرحم وفيها الروح القديمة المنقولة في أصلاب الرجال وأرحام النساء» ، يمكن أن يراد من الروح القديمة موضع مادة الروح ، وهي ماء الرجل وماء المرأة معا ، فيكون بمنزلة الموضوع لتعلّق الحياة به ، والتعبير ب «القديمة» لفرض التقدّم الزماني على نفخ الروح الحياتي ، فالمراد به القدم الإضافي ، لا القدم الحقيقي.
وأما قوله عليهالسلام : «فينفخان فيها روح الحياة والبقاء ويشقّان له السمع والبصر والجوارح وجميع ما في البطن بإذن الله تعالى» ، يصحّ انطباق ذلك كلّه على القوى الطبيعيّة المسخّرة تحت أمر الله تبارك وتعالى ، فإن شئت فسمّها ملكا ، وإن شئت فسمّها قوى طبيعية مسخّرة تحت إرادة الله عزوجل ، ويصحّ التعبير في جميع ذلك ب (الحركة الجوهرية) ، التي هي تحت إرادته عزوجل ، لأن إرادته الأزلية