فاصطفاها ، أي اختارها. وأما الثانية فإنها حملت من غير فحل ، فاصطفاها بذلك على نساء العالمين».
أقول : يستفاد من الحديث أن جهات الاصطفاء مختلفة ، ويمكن أن تكون في نفس واحدة جهات عديدة من الاصطفاء ، ويمكن أن يستفاد من إطلاق الاصطفاء في مثل الخليل والكليم ، تحقّق جملة من جهات الاصطفاء.
وفي المجمع : قال أبو جعفر عليهالسلام في قوله تعالى : (يا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ) اصطفاك لذرّية الأنبياء وطهّرك من السفاح ، واصطفاك لولادة عيسى من غير فحل».
أقول : ظهر وجه ذلك ممّا تقدّم آنفا.
وفي الدر المنثور : أخرج الحاكم في صحيحه عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «أفضل نساء العالمين خديجة ، وفاطمة ، ومريم ، وآسية امرأة فرعون».
أقول : الأفضليّة من الأمور النسبيّة الإضافيّة ، ويمكن أن تتحقّق في بعض هذه الأربعة أشدّ وأكثر من تحقّقها في البعض الآخر ، ويصحّ أن يقال بأفضليّة خديجة من جميع تلك النساء.
أولا : لأنها أوّل مسلمة ، وأنها بذلت نفسها ونفيسها في الإسلام وتكفّلت مثل محمد خاتم الأنبياء صلىاللهعليهوآله الذي هو أفضل جميع الموجودات ، فحازت بذلك درجة لا يمكن حصولها لأحد غيرها من النساء.
وثانيا : أنها ام المؤمنين وام الأئمة الأطهار عليهمالسلام. وام فاطمة الزهراء ، فإن جهات شرفها على البقية ممّا لا تخفى على كلّ مسلم ، وقد تقدّم بعض الكلام فيها أيضا.
وفي العلل : عن الصادق عليهالسلام في حديث : «أن مريم كانت سيدة نساء عالمها ، وأن الله عزوجل جعل فاطمة سيدة نساء عالمها وعالم ابنة عمران وسيدة نساء الأوّلين والآخرين».
أقول : هذا الحديث يدلّ على ما ذكرناه آنفا.