والآية المباركة تدلّ على نبوّة رسول الله صلىاللهعليهوآله وصدق دعواه وبطلان ما سواها.
قوله تعالى : (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ).
إجمال بعد تفصيل وإيجاز بعد إطناب لتأكيد الحجّة ، وهذا من الأساليب المستحسنة المتّبعة في مقام الاحتجاج والاستدلال.
والآية الشريفة في مقام الردّ على شبهة طائفتين :
الاولى : اليهود الذين استبعدوا خلق الإنسان من غير أب ، فاتهموا مريم العذراء.
والثانية : النصارى الذين ضلّوا في عيسى عليهالسلام ، فزعموا أنه ابن الله تعالى ، فكان الجواب قاطعا ، حيث إن كلتا الطائفتين تعترفان بآدم وأنه خلق من غير أب ولا ام ، فما يقول فيه اليهود والنصارى يقال في عيسى عليهالسلام ، فاكتفى سبحانه وتعالى بالتشبيه بخلق آدم عليهالسلام حيث اقتضى الحال أن يوجز البيان.
والآية الشريفة على إيجازها اشتملت على حجّتين :
الاولى : أن عيسى وآدم عليهماالسلام مخلوقان مسبوقان بالعدم ، وقد خلقهما الله تعالى حسب حكمته وعلمه ، وفقد الأب فيهما لا يصير خلقهما ممتنعا ، ولا يوجب ادعاء التهمة في عيسى.
الثانية : أن عيسى عليهالسلام كآدم في خلقه بالأمر التكويني ، فلو اقتضى خلق عيسى من غير أب دعوى الالوهيّة فيه ، لاقتضى خلق آدم تلك أيضا ، مع أنه لم يدع أحد الالوهيّة ولعلّه أنه أولى بذلك ، إذ لم يخلق من أب وأم ، وأنه مسجود الملائكة ، بخلاف عيسى الذي خلق من ام ومن نفخ جبرائيل ، فاجتمعت في مريم العذراء الحالة الانعقاديّة والمنعقديّة ، فهو أبعد من دعوى الالوهية بمراتب عن آدم عليهالسلام.
ثم إنّ الآية الشريفة تثبت حقيقة من الحقائق الواقعيّة ، وهي أن مجاري