يكلّفهم البحث عن كنهه منهم رسوخا ، فاقتصر على ذلك ، ولا تقدّر عظمة الله سبحانه على قدر عقلك فتكون من الهالكين».
أقول : أما غضبه عليهالسلام بالنسبة إلى هذا الشخص فلأنه أراد توصيف الله تعالى بما هو خارج عن ظاهر الكتاب المبين والسنّة المقدّسة الشريفة ، ويشهد لذلك قوله عليهالسلام : «عليك يا عبد الله بما دلّك عليه القرآن من صفته وتقدّمك فيه الرسول» ، ثم ذمّه عليهالسلام للتعمق في ما وراء ذلك ، وقد ورد في جملة من الأخبار ذم ذلك أيضا.
وأما قوله عليهالسلام : «وما كلفك الشيطان علمه ممّا ليس عليك في الكتاب فرضه» ، فالمراد التوهّمات أو الخيالات الحاصلة في النفس في المعارف ، فليس لأحد أن يتبعها ، بل لا بد من الاعتقاد بالواقع على ما هو عليه وإيكال علم ذلك إلى الله تبارك وتعالى ، والا فيدخل ذلك في اتباع الشيطان وإغوائه والتعمّق المنهي عنه.
وأما قوله عليهالسلام : «ان الراسخين في العلم هم الذين أغناهم الله عن الاقتحام على السدد المضروبة دون الغيوب» ، فقد ذكر صفات الراسخين في العلم ومدحهم ، يعني : أنهم اكتفوا بما استفادوا من النبيّ الأعظم صلىاللهعليهوآله من الرسوخ في العلم ، ولم يتعدّوا ما وراء ذلك ، لكونه حينئذ من التعمّق المنهي عنه ، فمثل هذه الروايات تدلّ على أمرين :
الأول : كونهم راسخين في العلم ، واستفادوا ذلك من رسول الله صلىاللهعليهوآله.
الثاني : أنهم لا يقتحمون ـ في ما وراء ما استفادوا من الرسوخ في العلم ـ السدد المضروبة دون الغيوب.
في الاحتجاج : عن أمير المؤمنين عليهالسلام في حديث ثم قال : «إن الله جلّ ذكره لسعة رحمته ورأفته بخلقه وعلمه بما يحدثه المبدلون من تغيير كلامه ، قسّم كلامه ثلاثة أقسام ، فجعل قسما منه يعرفه العالم والجاهل ، وقسما لا يعرفه إلا من صفا ذهنه ولطف حسّه وصحّ تميّزه ممّن شرح الله صدره للإسلام ، وقسما لا يعرفه إلا الله وأنبياؤه والراسخون في العلم ـ الحديث».