أقول : هذا الحديث مطابق لما تقدّم من أن المتشابه والمحكم وغيرهما من مراتب الإدراكات ، فلا بد في كلام الحكيم أن يلحظ فيه هذه المراتب.
وعن بريد بن معاوية قال : «قلت لأبي جعفر عليهالسلام قول الله : (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) ، قال : يعني تأويل القرآن كلّه إلا الله والراسخون في العلم ، فرسول الله أفضل الراسخين قد علّمه الله جميع ما أنزل عليه من التنزيل والتأويل ، وما كان الله منزلا عليه شيئا لم يعلّمه تأويله ، وأوصياؤه من بعده يعلمونه كله ، فقال الذين لا يعلمون : ما نقول إذا لم نعلم تأويله؟ فأجابهم الله : يقولون آمنا به كلّ من عند ربنا والقرآن له خاص ، وعام ، وناسخ ، ومنسوخ ، ومحكم ، ومتشابه ، فالراسخون في العلم يعلمونه».
أقول : المراد من «تأويل القرآن كله» ما اشتمل على المتشابه والتأويل ، وإلا فالمحكمات ليس لها تأويل.
عن فضيل بن يسار عن أبي جعفر الباقر عليهالسلام : «وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم ، نحن نعلمه».
أقول : تقدّم وجه ذلك.
في العيون عن الرضا عليهالسلام : «من ردّ متشابه القرآن إلى محكمه هدي إلى صراط مستقيم ـ ثم قال ـ إن في أخبارنا متشابها كمتشابه القرآن ومحكما كمحكم القرآن ، فردّوا متشابهها إلى محكمها ، ولا تتّبعوا متشابهها دون محكمها فتضلّوا».
أقول : قد ذكرنا في التفسير أن اشتمال كلمات الأعاظم والأكابر على المحكم والمتشابه غالبي ، بل فطري بالنسبة إلى مراتب العقول ، كما يأتي في البحث العلمي.
في الكافي : عن الباقر عليهالسلام : «ان الراسخين في العلم من لا يختلف في علمه».
أقول : هذا من باب بيان بعض آثار الراسخين في العلم ، لا جميعها.
في الدر المنثور : أخرج ابن جرير وغيره عن أنس وأبي امامة ووائلة بن اسقف وأبي الدرداء أن رسول الله صلىاللهعليهوآله سئل عن الراسخين في العلم فقال : «من برّت يمينه وصدق لسانه واستقام قلبه ، ومن عفّ بطنه وفرجه ، فذلك من