بديل الكفر في بعضها ، وأن مصيره إلى النار.
والنظر في القرآن أو اعمال الرأي فيه يتصوّر على وجوه :
الأول : الأخذ بظاهره العرفي ، الذي هو ظاهر عند النوع وتدور الاستفادة من القرآن مداره ، مثل قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) [سورة المائدة ، الآية : ١] ، وقوله تعالى : (فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآياتِهِ مُؤْمِنِينَ) [سورة الأنعام ، الآية : ١١٨] ، إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة.
الثاني : إعمال النظر الشخصي في الآيات الشريفة وتفسيرها ، به ولكنه لا يتعدّى عن مرحلة الاحتمال الذهني والحضور الفكري إلى الخارج ، بلا إذعان ولا اعتقاد.
الثالث : ما يكون من إعمال النظر الشخصي ، ويكون الناظر في مقام ترتّب الأثر عليه ، والإذعان بأن ذلك مراد الله سبحانه وتعالى.
وشمول هذه الأخبار للقسم الأول ممنوع بلا إشكال ، وإلا لبطلت الإفادة والاستفادة من الكتاب العظيم الذي وضع لأجل ذلك ، وكذا شمولها للقسم الثاني لفرض عدم ترتّب أي أثر عليه ، بل يكون مجرّد العبور الذهني والخطور الفكري الذي قد يكون بلا اختيار.
وأما القسم الأخير فهو المعلوم المتيقّن من مفاد جميع تلك الأخبار ، ويشهد لذلك الشواهد العقلية أيضا ، فإن كلمات الأكابر والأعاظم لا بد أن تحفظ عظمتها بأي وجه أمكن من دون تدخّل الآراء الخاصة في تفسيرها ، فكيف بالقرآن العظيم؟
وما قيل في معنى التفسير بالرأي من الوجوه فإن رجعت مآلها إلى ما ذكرناه فهو ، وإلا فالخدشة واضحة فيها ، لأن أكثرها دعوى بلا دليل.
ومن ذلك يعلم أنه لا وجه لفتح باب الاجتهاد الشخصي في الآيات الشريفة ، إذ لا موضوع فيها بعد فرض أن متشابهاتها ترجع إلى محكماتها ، وهي مشروحة بالسنّة المقدّسة.