وخلاصة ما يستفاد منها ـ على طولها ـ أن فهم القرآن لا بد وأن يكون أوّلا بإرجاع المتشابه إلى الحكم وإرجاع الحكم إلى السنّة ، ثم ترتّب الأثر بما يستفاد من المحكم والاعتراف بالعجز عن الفهم والدرك ، وأن التفسير بالرأي والعمل به بدون ذلك يستلزم الاختلال المذموم عقلا وشرعا.
ما ورد من ان للقرآن بطونا :
وردت روايات كثيرة دالة على أن للقرآن ظهرا وبطنا ، كما في تفسير العياشي عن الفضيل بن يسار قال : «سألت أبا جعفر عليهالسلام عن هذه الرواية : (ما في القرآن آية إلا ولها ظهر وبطن ، وما فيه حرف إلا وله حدّ ، ولكلّ حدّ مطلع) ، ما يعني بقوله : لها ظهر وبطن؟ قال : ظهره تنزيله وبطنه تأويله ، منه ما مضى ومنه ما لم يكن بعد ، يجري كما يجري الشمس والقمر كلّما جاء منه شيء وقع ، قال الله : (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) ، نحن نعلمه».
أقول : يظهر من هذه الرواية أن أسرار التأويل تجري في التكوينيات من حيث بدأها إلى ختامها ، وأن وقوعها في الخارج مطابق للتأويل الذي يكون في القرآن ، ولا يعلمه إلا الله والراسخون في العلم ، ففي الحقيقة يمكن استفادة جميع أسرار التكوين من الآيات الشريفة بالتأويل ، كما يظهر من الآيات الشريفة ، قال تعالى : (وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ) [سورة يس ، الآية : ١٢] ، وقال تعالى : (وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) [سورة الأنعام ، الآية : ٥٩] ، إلى غير ذلك من الآيات المباركة.
وعن نبيّنا الأعظم صلىاللهعليهوآله : «ان للقرآن ظهرا وبطنا ، ولبطنه بطنا إلى سبعة أبطن».
وعن علي عليهالسلام : «ما من آية إلا ولها أربعة معان ، ظاهر وباطن وحدّ ومطلع ، فالظاهر التلاوة ، والباطن الفهم ، والحدّ هو أحكام الحلال والحرام ، والمطلع هو مراد