الزائل بالتعمّق.
الثالث : أنهما ـ أولا وبالذات ـ من صفات المعنى ، ثم يسريان إلى اللفظ ، فيصحّ أن يكونا من صفات اللفظ أولا وبالذات فيسريان إلى المعنى أيضا لمكان الاتحاد بين اللفظ والمعنى ، ولذا يسري حسن أو قبح أحدهما إلى الآخر ، فيصحّ البحث عنهما في مباحث الألفاظ كما يصحّ البحث عنهما في مباحث الحقائق العلميّة ، كما هو شأن كثير من المفاهيم.
وممّا ذكرنا يظهر أن الأقوال الواردة في معنى المتشابه ـ التي تتجاوز العشرة ـ كلها من باب المغالطة والاشتباه بين المفهوم والمصداق ، فقد ذكروا مصاديق المتشابه في حقيقته ومعناه ، وهو باطل لأن مصاديقه كثيرة ، كما أن مناشئه أيضا كذلك.
والبحث في المحكم والمتشابه من جهات ، نذكر الأهم منها.
مفهوم المحكم والمتشابه :
المحكم والمتشابه أو المجمل والمبيّن من المفاهيم العرفية في كلّ محاورة ولغة من اللغات ، فإن كلا منهما تشتمل على محكم ومتشابه ومجمل ومبيّن عند أهل تلك اللغة ، فيصحّ عدّ مفهوم تلك الصفات من المفاهيم المبيّنة في المحاورات.
وما هو المعروف في تعريف المتشابه : «ما لا يعرف المراد منه إلا بالقرينة» ، مثل قوله تعالى : (يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) [سورة الفتح ، الآية : ١٠] ، لا يعرف بدوا المراد منه إلا بالرجوع إلى قوله تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) [سورة الشورى ، الآية : ١١] ، فيعرف أن المراد منها القوة والإحاطة ، أو القدرة بالملازمة ، وكذا قوله تعالى : (وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا) [سورة الفجر ، الآية : ٢٢] ، يعرف المراد بالرجوع إلى ما تقدّم من الآية المباركة من أنه الرحمة والغفران بالملازمة.
وكذا في المحكم من أنه : «ما يعرف المراد منه بلا استعانة قرينة» ، مثل قوله تعالى : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) [سورة الحمد ، الآية : ٣] ، وقوله تعالى : (وَأَقِيمُوا