أسباب التشابه :
لا وجه لتحديد مناشئ التشابه والإجمال بحدّ خاص وموارد معينة ، بعد ما عرفت ، فيصحّ أن يكون منشأ التشابه نفس وضع اللفظ لغة من حيث هو ، مثل قوله تعالى : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) [سورة البقرة ، الآية : ٢٢٨] ، أو يكون في اختلاف القراءة ، مثل قوله تعالى : (وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ) [سورة البقرة ، الآية : ٢٢٢] ، أو يكون المنشأ اختلاف السنّة الواردة في تفسير الآية الشريفة لو كانت متنافية فيصير التشابه من باب الوصف بحال المتعلّق ، لا الوصف بحال الذات ، وقد يتعلّق اختيار المتكلّم بالإجمال والتشابه لأغراض مترتبة على ذلك.
نسبة التشابه :
التشابه من الصفات ذات الإضافة ، ولا يعقل التشابه بالنسبة إلى علم الله جلّ جلاله ، لأنه عين ذاته المهيمن لجميع الجهات والمحيط بها ، وكذا بالنسبة إلى الموحى إليه كما مرّ. وإنما يتحقّق التشابه بالنسبة إلى غيرهما من المخاطبين في خطابه تعالى أو غيره ، سواء أكانوا حاضرين في مجلس الخطاب ، أم غائبين عنه ، لما مرّ من أن السبب الأوّلي في التشابه إنما هو اختلاف الإدراكات وقصورها.
نعم ، يمكن أن يوحى إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله آية ثم يوحى إليه مرة اخرى شرح تلك الآية وبيانها ، وتسمية ذلك بالتشابه إلى الموحى إليه في الآية الاولى مشكل بل ممنوع ، وهما بمنزلة الشارح والمشروح ، وليس ذلك من المجمل أيضا ، وكذا لو وصل الحكم إلى الموحى إليه إجمالا ، وانتظر صلىاللهعليهوآله بيانه وتفصيله ، كما تقدّم في تغيير القبلة ، قال تعالى : (قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) [سورة البقرة ، الآية : ١٤٤].