إن قيل : إن جملة من مفتتحات السور وأوائلها باقية على التشابه إلى الأبد.
يقال : أنها معلومة أيضا عند الراسخين في العلم ، وفسّرت أيضا بما مرّ.
وبالجملة : لا تشابه في القرآن بعد عرض الآيات المتشابهة على المحكمات أو على العقل المقرّر شرعا. فالتشابه حدوثي لا دائمي في القرآن.
الحكمة في اشتمال القرآن على المتشابه :
بعد أن ظهر أن الآيات المتشابهة في القرآن الكريم ترجع إلى القصور في العقل وعدم الإحاطة بردّ تلك الآيات إلى المحكمات ، تصير الحكمة في إنزال الآيات المتشابهة حينئذ أمرا سلبيا ، وهو عدم درك العقول وعدم احاطتها بالحقائق القرآنية ، وإلا فلا قصور في نفس الآيات المباركة بعد ردّ بعضها إلى البعض ، ففي الواقع لا تشابه في الآيات القرآنية ، لا ثبوتا ولا إثباتا إذا عرضت الآيات المتشابهة على العقل المدرك المقرّر بالشرع ، فيكون التشابه في النظر البدوي من الإدراك ، لا في النظر الحقيقي ، ولذا نرى الاختلاف في تعيين المصاديق للآيات المتشابهة عند العلماء والمحقّقين.
وأما ما أشكل على وقوع التشابه في القرآن بأنه لا وجه له ، مع أن القرآن قانون أبدي ، وهو كتاب فسّرت آياته من لدن علي حكيم ، فلا بد أن يكون شرعة لكلّ وارد ويستفيد منه كلّ أحد.
غير صحيح ، لأن اختلاف العقول في جهات الإدراك فطري خارج عن تحت ، أي اختيار والقرآن لا يعدو الفطرة.
المتشابه في السنة :
كما أن في القرآن محكما ومتشابها ، كذلك يكون في السنّة المقدّسة ، ففيها متشابهات ومحكمات لا بد وأن يردّ المتشابه إلى المحكم. وقد ظهر ممّا ذكرنا أن ذلك حدوثي لا دائمي ، وينشأ ذلك من اختلاف الاستعدادات كما مرّ ، وردّ متشابهاتها