إلى محكماتها إنما هو من شأن الفقهاء والمحدّثين العالمين العاملين بها ، ففي السنّة الشريفة راسخ في العلم أيضا ، وتقدّم ما عن أبي الحسن الرضا عليهالسلام : «ان في أخبارنا متشابها كمتشابه القرآن ، فردّوا متشابهها إلى محكمها ، ولا تتّبعوا متشابهها فتضلّوا».
التأويل ومعناه :
تقدّم أن التأويل من الأول. وللأول عرض عريض جدا ، فيشمل كلّ ما له قابلية الشمول ، مثلا أن قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ) يشمل كلّ ما تؤول إليه الصورة الإنسانية من الخصوصيات الذاتية والعرضية والزمانية والمكانية ، ويدخل في التأويل كلّ ذلك ، فإذا نظر الراسخ في العلم إلى صورة إنسان يعلم بعلمه الراسخ جميع الحالات الواردة على الإنسان في عوالمه الطولية والعرضية ، فيعلم أنه كيف يعيش ومتى يموت ، وفي أي محل يقبر ، فجميع هذه الصور معلومة عنده حسب شأنه ورسوخه في العلم ، وهذا أعظم أنواع التأويل.
فالتأويل أخصّ من التفسير بلا إشكال ، لأنّ التفسير من فسّر ، وهو والسفر بمعنى واحد ، أي كشف القناع ، ويحصل ذلك ببيان أوّل مرتبة من مراتب معاني اللفظ ، بخلاف التأويل ، ولذا يختصّ التأويل بأئمة الدين ، كما ورد عنهم : «أن عندنا علم التأويل» ، على ما تقدّم معناه ، فيكون علم التأويل أجل وأعظم بمراتب من علم التشريع ، وعبّر عن بعض مراتبه بعلم البلايا والمنايا ، فإن له مراتب كثيرة ، لأنّ للقرآن بطونا ، ولعلّ المراد منها بعض مراتب التأويل.
الفرق بين التأويل والتنزيل :
ظهر ممّا تقدّم الفرق بينهما ، فإن التنزيل يختصّ بالآيات المباركة من حيث اللفظ وغيره ، والتأويل كلّ ما له قابلية الشمول للآية ، فيكون الفرق بينهما أن