الاستعارات والكنايات القرآنية :
لا ريب في أن الآيات المباركة مشتملة على الكنايات ، التي هي من أهمّ شؤون الفصاحة والبلاغة ، ويعدّ ذلك من أدب القرآن ، مثل قوله تعالى : (مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ) [سورة المائدة ، الآية : ٧٥] ، فإنه كناية عن البراز ، وقال تعالى : (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَ) [سورة البقرة ، الآية : ٢٣٧] ، فإنه كناية عن الجماع ، إلى غير ذلك من الآيات الشريفة ، فهي لا تكون من المتشابهات بل إنها من المحكمات ، فإن لها ظهورا عرفيا ولو بالقرينة في المعنى المراد. وقد أثبتنا في علم الأصول أن المدار في المحاورات على الظهورات العرفيّة ولو كانت مجازيّة.
وكذا ما ورد في بعض الأحاديث من أن القرآن : «نزل بإياك أعني واسمعي يا جارة».
وأما اللطائف والإشارات والدقائق ، فإنها إن كانت منساقة من ظاهر اللفظ بحسب المحاورة ، تكون من المحكمات ، وإلا فهي من المتشابهات.
ومن هنا يظهر فساد ما عن بعض من إنكار كون الكنايات من المحكمات وأنها من المتشابهات.