الخشية من الله فليس بعالم ، وإن شقّ الشعر في المتشابهات ، ومن لم يكن عمله مطابقا لقوله فليس بعالم».
وأما قوله عليهالسلام : «لأنّ الله عزّ اسمه لم يدلّ على الباطن الخفي من العقل إلا بظاهر منه وناطق عنه» ، فهو حقّ لا ريب فيه ، لأن الظاهر عنوان الباطن وبمنزلة اللفظ للمعنى ، ويستكشف المعنى من اللفظ ، فإذا كان أصل المعنى باطنا للظاهر فكيف يتحقّق هذا العنوان؟!
وفي تفسير العياشي : عن الصادق عليهالسلام : «أكثروا من أن تقولوا : ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا ولا تأمنوا الزيغ».
أقول : ما ذكره عليهالسلام مطابق للأدلّة العقليّة التي أثبتوها في محلّه ، من أن كلّ حادث يحتاج في البقاء إلى العلّة كما يحتاج إليها في أصل الحدوث ، فنفس الهداية الحادثة من الله تعالى بصرف الوجود لا أثر لها ما لم تكن باقية ومنشأ للأعمال الصالحة ، ويدلّ على ما قلنا ما عن النبيّ صلىاللهعليهوآله في الحديث الآتي.
في الدر المنثور : أخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وابن جرير والطبراني وابن مردويه ، عن أم سلمة : «ان رسول الله صلىاللهعليهوآله كان يكثر في دعائه أن يقول : اللهم مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك. قلت : يا رسول الله ، وأن القلوب لتتقلّب؟ قال : نعم ، ما خلق الله من بشر من بني آدم إلا وقلبه بين إصبعين من أصابع الله ، فإن شاء أقامه ، وإن شاء أزاغه».
أقول : ليس المراد من الإصبعين ما هو المفهوم منهما ظاهرا ، بل المراد منهما قضاؤه وقدره ، وربوبيّته وتربيته ، ويكون التعبير بالإصبعين كناية عن سهولة ذلك كلّه عنده تبارك وتعالى.
بحث عرفاني :
الممكنات بأسرها ـ ومنها الإنسان الذي هو أجلّها وأشرفها ـ لا بد لها من ارتباط مع خالقها ، كما أن للخالق ارتباطا مع خلقه ، وهذا الارتباط على قسمين :