ومثل هذه الآية الكريمة : (وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) ، والآية المباركة : (وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوها وَأَنابُوا إِلَى اللهِ لَهُمُ الْبُشْرى فَبَشِّرْ عِبادِ* الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللهُ وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ) [سورة الزمر ، الآية : ١٧ ـ ١٨]. وقال تعالى : (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ بُشْراكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [سورة الحديد ، الآية : ١٢] ، والآيات المباركة الاخرى ترشد إلى هذا القسم من الارتباط ، حتّى يتّحد الارتباط التكويني مع الارتباط الاختياري ، فتزداد جوهرة النفوس الإنسانية تلألؤا وجمالا ، وتعرج إلى معارج لا حدّ لها عظمة وجلالا ، قال الله جلّت عظمته : «أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر» ، وإن اختلفا يصير الإنسان الذي هو من أسعد المخلوقات وأفضل الممكنات من أخسّها وأسفلها ، لأنه قطع ارتباطه مع خالقه وخالف منعمه ، وأنزل مقام نفسه حتّى في مرتبة التكوين ، قال تعالى : (لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ) [سورة الأعراف ، الآية : ١٧٩] ، وقال تعالى : (ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ) [سورة البقرة ، الآية : ١٧] ، وقال تعالى : (خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) [سورة البقرة ، الآية : ٧] ، إلى غير ذلك من الآيات المباركة.
وهذا القسم من الارتباط حالي ، لا أن يكون مقاليا كما يعرفه أهل العرفان.
بحث فلسفي :
من المباحث المهمّة في الفلسفة الإلهيّة بحث المعاد ، وقد اهتمّ به الأنبياء والمرسلون وجميع الكتب السماويّة والفلاسفة والمتكلّمون اهتماما بليغا ، وأطالوا البحث فيه من كلّ جهة ، وفي المقام مباحث نستوفي الجوانب الأهم منها.