لفرض أبدية النفس والروح ، كما أثبتها جميع الفلاسفة ـ الطبيعيّين منهم والإلهييّن ـ ولا بد في ذلك الاستكمال من نهاية وحدّ ، سواء كان الاستكمال في الخير أم الشر ، وأن المعاد مظهر الاستكمال ونهايته ، وأن هذا العالم ظرف الاستكمال كما نراه ، فالإنسان ـ الذي هو أشرف الموجودات وخلقت الأشياء لأجله ـ يكون في مسير الكمال الذي لا بد له من مظهر ، وهو المعاد ، أي عالم الآخرة ، وإلا يلزم الخلف ، أي يكون الكمال بلا أثر ونتيجة.
وأما من الكتاب ، فآيات كثيرة ، منها قوله تعالى : (كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ) [سورة الأعراف ، الآية : ٢٩] ، وقوله تعالى : (ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [سورة الزمر ، الآية : ٧] ، وقوله تعالى : (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [سورة التوبة ، الآية : ١٠٥] ، إلى غير ذلك من الآيات ، وكذا جميع الكتب السماويّة ، فإن أهمّ دعوتها هي الدعوة إلى المبدأ والمعاد.
وأما السنّة ، فهي فوق حدّ الإحصاء بألسنة مختلفة شتى.
وأما الإجماع ، فإجماع جميع الأنبياء والمرسلين ، وجميع أهل الكتاب والمسلمين.
المعاد الروحاني والجسماني :
أما الأول ، أي عود الأرواح بعد انفصالها عن الأبدان إليها ، للجزاء والتعبير بالعود بالنسبة إلى الأرواح من باب الوصف بحال المتعلّق ، لفرض أن الأرواح أبدية لا تفنى.
نعم ، عند انعدام جميع ما سواه تعالى ينعدم ثم يوجد ولم يسم ذلك بالمعاد.
ولا خلاف فيه من أحد ـ ثبوتا واثباتا ـ في معاد الأرواح ، فإنهم أثبتوا أن الأرواح إما شقيّة ، أو سعيدة ، ومصير الاولى إلى النار ، بخلاف مصير الثانية ، فإنها إلى الجنّة ، ولا يعقل الفناء المحض والإهمال بالنسبة إلى الأرواح أصلا ، كما أثبته