قوله تعالى : (وَأُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ).
الوقود الحطب أو ما توقد به النار وتلتهب ، وفي التعبير بالوقود بالنسبة إلى الكفّار إشارة إلى أنهم بمنزلة المادة والأصل لتعذيب سائر أهل النار ، كما أن الوقود في هذا العالم يكون أصلا ومادة للإحراق وسائر الأشياء المستفادة من النار ، كذلك الكفّار في تعذيب أهل النار ، قال تعالى : (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ) [سورة الأنبياء ، الآية : ٩٨] ، وقال تعالى : (وَأَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً) [سورة الجن ، الآية : ١٥].
قوله تعالى : (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقابِ).
الدأب العادة المستمرة أو السير الدائم ، قال تعالى : (وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ) [سورة إبراهيم ، الآية : ٣٣] ، ويطلق على الجدّ والاجتهاد أيضا من باب الملازمة ، قال تعالى محكيا عن تأويل يوسف لرؤيا الملك : (تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً) [سورة يوسف ، ٤٧].
والآية المباركة مثال لكل جبّار عنيد ، كذب بآيات الله تعالى بعد تمامية الحجّة عليه ، فتشمل جميع الأقوام الذين كانوا في الدنيا والذين سيأتون إليها إلى آخر فنائها.
والذنب مؤخّر الشيء واستعمل في النصيب أيضا ، قال تعالى : (فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ) [سورة الذاريات ، الآية : ٥٩] ، ويطلق على كلّ فعل يستوخم عقباه ، ولذلك يسمّى الذنب بتبعة ، كما ورد في كثير من الدعوات لما يتبع الإنسان من عواقب الفعل ، قال تعالى : (فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ) [سورة الأنفال ، الآية : ٥٤] ، وقال تعالى : (أَنْ لَوْ نَشاءُ أَصَبْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ) [سورة الأعراف ، الآية : ١٠٠].
والذنب على أقسام كما يأتي ذكرها في الآيات المناسبة ، والمراد به في المقام الذنب الذي يرفع الحجّة ويغلق باب التوبة ، فلا تقوم الساعة إلا على شرار خلق