[ مسألة ١١ ] : لا يجوز العدول عن الحي إلى الحي ، إلا إذا كان الثاني اعلم [١].
______________________________________________________
الذي قد عرفت قيام الإجماع على المنع عنه.
[١] إجماعاً في الجملة حكاه غير واحد. ويقتضيه الأصل العقلي المتقدم ، للشك في حجية فتوى من يريد العدول إليه ، والعلم بحجية فتوى من يريد العدول عنه ، وفي مثله يبنى على عدم حجية مشكوك الحجية. وليس ما يوجب سقوط هذا الأصل العقلي من دليل أو أصل شرعي. إذ أدلة التقليد اللفظية قد عرفت عدم شمولها لصورة الاختلاف في الفتوى ، بلا فرق بين إطلاق الآيات والروايات. وكذلك بناء العقلاء. ولا إجماع على جواز العدول ولا سيرة. وأما استصحاب التخيير فقد تقدم في مسألة جواز العدول عن الميت إلى الحي : أنه من الاستصحاب التعليقي المعارض بالاستصحاب التنجيزي ، فلا مرجع إلا الأصل العقلي ، وهو أصالة التعيين عند التردد في الحجية بين التعيين والتخيير. نعم مع الاتفاق في الفتوى لا مانع من الاعتماد على فتوى كل من المجتهدين عملا بإطلاق أدلة الحجية كما عرفت ، لكن الظاهر أن هذه الصورة خارجة عن محل الكلام.
هذا كله إذا لم يكن المعدول إليه أعلم. وإلا ـ فبناء على ما يأتي من وجوب الرجوع إلى الأعلم ـ يجب الرجوع إليه. لعدم الفرق في كون مقتضى أدلة وجوب الرجوع إلى الأعلم وجوب الرجوع إليه بين سبق تقليد غيره فيجب العدول إليه. وعدمه فيرجع إليه ابتداء. نعم لو كان الوجه في وجوب الرجوع إلى الأعلم الأصل العقلي ـ أعني : أصالة التعيين عند الدوران بين التعيين والتخيير ـ وكان الوجه في عدم جواز العدول استصحاب حجية فتوى من يريد العدول عنه ونحوه من الأصول الشرعية ، لزم عدم جواز العدول ولو إلى الأعلم ، لأن الأصل الشرعي وارد على الأصل العقلي. فلاحظ.