[ مسألة ١٣ ] : إذا كان هناك مجتهدان متساويان في الفضيلة يتخير بينهما ، إلا إذا كان أحدهما أورع ، فيختار الأورع [١].
______________________________________________________
الموجب لسقوط دليل الحجية بالإضافة إلى كل منهما لا يؤبه به ، كما عرفت.
ثمَّ إنه قيل بعدم وجوب الفحص مع العلم بالاختلاف لوجهين. [ الأول ] : أصل البراءة ، للشك في وجوبه. [ والثاني ] : أنهما أمارتان تعارضتا لا يمكن الجمع بينهما ، ولا طرحهما ، ولا تعيين إحداهما ، فلا بد من التخيير بينهما. ويشكل الأول : بأنه ليس الكلام في وجوب الفحص مولوياً كي يرجع الى أصل البراءة في نفيه ، وإنما الكلام في وجوبه عقلا وجوباً إرشادياً الى الخطر بدونه ، إذ قد عرفت أنه لو لا الفحص لا تحرز حجية إحدى الفتويين. ومن ذلك يظهر الإشكال في الثاني ، إذ لا حكم للعقل بالتخيير بين الفتويين المتعارضتين ، وإنما التخيير بين الفتويين بتوسط الإجماع على حجية ما يختاره منهما ، وقد عرفت أن معقد الإجماع إنما هو الحجية بعد الفحص لا قبله.
وأما الصورة الخامسة : فإثبات حجية فتوى من يعرف بإطلاق دليل الحجية أظهر مما سبق ، للشك في وجود مفت آخر ، فضلا عن كونه أفضل وكون فتواه مخالفة. ولا يبعد استقرار بناء العقلاء ، وسيرة المتشرعة ، على العمل بالفتوى مع الشك في وجود مجتهد آخر من دون فحص عنه. فعدم وجوب الفحص في هذه الصورة أظهر منه فيما سبق. فتأمل جيداً.
[١] كما عن النهاية ، والتهذيب ، والذكرى ، والدروس ، والجعفرية والمقاصد العلية ، والمسالك ، وغيرها ، ويقتضيه أصالة التعيين الجارية عند الدوران بينه وبين التخيير. ولا يظهر على خلافها دليل ، إذ الإطلاقات الدالة على الحجية ـ لو تمت ـ لا تشمل صورة الاختلاف. اللهم الا أن يكون بناء العقلاء على التخيير بين المتساويين في الفضل وان كان أحدهما