الخامس : الدم من كل ما له نفس سائلة [١] ، إنساناً
______________________________________________________
وبالجملة : بعد عدم ثبوت قاعدة عدم جواز الانتفاع بالنجاسات ـ لقصور الأدلة المستدل بها عليها ـ ينحصر الاستدلال على عدم جواز الانتفاع بالميتة بالخصوص بمثل صحيح الكاهلي المتقدم ، وتقدم الإشكال في دلالته ، إذ من البعيد أن يكون المراد منه النهي عن كل انتفاع ، ولو كان مثل إطعام جوارح الطير ، أو تسميد الزرع ، ونحوهما مما لا يعتبر فيه الطهارة بوجه ، فان بيان هذا المعنى يحتاج إلى مزيد عناية ، ولا يكفي فيه مثل هذا الكلام. بل هذا المعنى مقطوع بخلافه في مثل رواية علي بن المغيرة ، فان السائل إنما عنى بقوله : « الميتة ينتفع بها » انها كما ينتفع بالمذكى ، وليس المراد ما يعم إطعام الجوارح. ولو سلم إطلاق في عدم الانتفاع ، فهو مقيد بالنصوص المتقدمة ، فيحمل على الانتفاع المؤدي إلى الوقوع في الحرام ، كما أشير إليه في رواية الوشاء المتقدمة ، على ما عرفت.
[١] إجماعا ، صريحاً وظاهراً ، محكياً عن جماعة كثيرة ، وان اختلفت عباراتهم في معقده. ففي بعضها : مطلق دم ذي النفس. وفي بعضها : دم ذي العرق وهو راجع إلى الأول ، وفي بعضها : الدم المسفوح ، والمسفوح هو المصبوب ، وعليه يكون بين هذا العنوان وما قبله عموم من وجه ، لعمومه لمثل دم السمك وعدم شموله للمتخلف في اللحم ونحوه من أجزاء الحيوان. ويجب تفسيره ـ كما في كلام بعضهم ـ بما ينصب من العرق ، فيكون أخص مطلقا من الأول ، ولا يشمل مثل دم السمك. وفي المنتهى : « الدم المسفوح من كل حيوان ذي نفس سائلة يكون خارجا بدفع من عرق نجس. وهو مذهب علماء الإسلام » ، ونحوه كلام غيره من الأعاظم.
لكن ادعى غير واحد من الأجلاء أن المراد مطلق دم ذي النفس ، بقرينة تعرضهم لطهارة دم غير ذي النفس ، والمتخلف في الذبيحة ، دون