خصوصاً وإنّ المعنى القرآني يحتمل وجوهاً عديدة لنفس النصّ ، لذلك كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)عندما يُسأل عن معنى الآية يُجيب السائل ، وكان (صلى الله عليه وآله وسلم)مأموراً بذلك بنصّ القرآن : (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)(١).
وفي مقابل ذلك كان النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) يعلّم عليّاً عليهالسلام معاني القرآن الكريم وتفسيره وتأويله ، فلا عجب أن نسمع البخاري ينقل في صحيحه في باب قوله تعالى : (مَا نَنَسَخْ مِنْ آيَة أَوْ نُنْسِهَا ...)(٢) بسنده عن سعيد بن جبير عن ابن عبّاس حديثاً عن عمر قال : «وأقضانا عليّ ...»(٣).
وينقل ابن ماجة في صحيحه حديثاً بسندين عن أنس بن مالك قال فيه : «إنّ النبيَّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : وأقضاهم علي بن أبي طالب»(٤).
و (أقضاهم) في لغة العرب هو أعلمهم في طبيعة الفصل بين الحقِّ والباطل.
ويروي أبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود قال : «إنّ القرآن نزل على سبعة أحرف ما منها حرف إلاّ له ظهر وبطن ، وإنّ عليَّ بن أبي طالب عليه السلام عنده علم الظاهر والباطن»(٥).
ولا شكّ أنّ القرآن كان المحور الأساس في استفهام المسلمين عن معاني العقيدة والتشريع ، ويؤيّد ذلك رواية عن سُليم بن قيس الهلالي قال : «قلتُ لأمير المؤمنين عليهالسلام : إنّي سمعتُ من سلمان والمقداد وأبي ذر شيئاً
__________________
(١) سورة النحل ١٦ : ٤٤.
(٢) سورة البقرة ٢ : ١٠٦.
(٣) فضائل الخمسة ٢/٢٩٦.
(٤) صحيح ابن ماجة ١/٥٥ ح ١٥٢.
(٥) حلية الأولياء ١/٦٥.