أحكام اليمين بالله تعالى
وحكم الإيلاء
تعظيم الله تعالى واجب ، والقسم بالله سبحانه تقديس وتعظيم ، فعلى المسلم أن يحترم مقتضى يمينه ، ويبرّ بما حلف ، ولا ينقض ما أكّد به إرادته وعزمه بالحنث باليمين ومخالفة ما أقسم عليه. ولكن قد يتسرع الإنسان فيحلف أنه لا يفعل كذا من زيارة فلان أو الكلام معه ، أو التصدق بشيء من ماله أو الصلح بين الناس ، أو يفعل شيئا هو شر عليه ، وضرر في دينه وأخلاقه ، والله أرشدنا إلى ما هو خير لنا ، ونهانا أن نجعل اسمه الكريم مانعا من الخير ، أو داعيا إلى الشر ، فمن حلف ألا يفعل خيرا ، أو يفعل شرا ، فليحنث في يمينه ، وليكفّر عنها ، قال الله تعالى : (وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٢٤)) (١). [البقرة : ٢ / ٢٢٤]. وورد عن النبي صلىاللهعليهوسلم ما يوضح معنى هذه الآية ، فقال فيما رواه أحمد ومسلم والترمذي : «من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها ، فليأت الذي هو خير ، وليكفّر عن يمينه». وجاءت آية أخرى تؤكد ذلك ، قال الله تعالى : (وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ) (٢) (أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى وَالْمَساكِينَ وَالْمُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا) [النور : ٢٤ / ٢٢].
وفسر بعضهم آية (وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ) بالمنع من كثرة الحلف ، تقديسا لاسم الله ، ومنعا من ابتذال اليمين والتهاون بترداد اسم الجلالة على الألسن ؛ لأن الحلاف (الكثير الحلف) مجترئ على الله ، غير معظم له ، كما قال تعالى : (وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (١٠)) [القلم : ٦٨ / ١٠].
__________________
(١) أي مانعا معترضا من البر والتقوى والإصلاح بين الناس إذا حلفتم.
(٢) أي لا يحلفوا أن لا يؤتوا ذوي القرابة والمساكين شيئا من أموالهم.