ابن زيد : لما نزلت (وَمَتِّعُوهُنَ) [البقرة : ٢ / ٢٣٦] قال رجل : إن أحسنت فعلت ، وإن لم أرد ذلك لم أفعل ، فأنزل الله : (وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ ..).
حياة الأمم والشعوب
إن عزة الأمم وحياة الشعوب الكريمة تتطلب أمرين مهمين لهما الأثر البالغ في الحياة ، وهما الجهاد والكفاح في سبيل الله والحق ، والإنفاق السخي في سبيل المصلحة العامة للوطن والأمة ، فإذا ضعفت الأمة وتخلفت عن هذين الأمرين ، أصابهما الذل والهوان ، وتغلّب عليها الأعداء ، وعاشت عيشة العبيد ، فلا حرية ولا كرامة ، ولا ملكية لشيء ، وإنما الملك للسيد الظلوم الغاشم الذي تسلط على هؤلاء المتخاذلين الجبناء.
وتصبح الأمة في هذه الحالة أشبه بالأموات ، لأن موت الأمم غالبا له سببان :
الجبن وضعف العزيمة والتخاذل ، والثاني ـ البخل وعدم الإنفاق في سبيل الله والأمة والصالح العام.
وقد أخبر الله تعالى نبيه محمدا صلىاللهعليهوسلم إخبارا في غاية التحذير والتنبيه عن قوم من البشر ، خرجوا من ديارهم فرارا من الموت ، إما بسبب الخوف من العدو ، أو بسبب وباء عام كالطاعون ونحوه ، فأماتهم الله تعالى ، ثم أحياهم ، ليروا هم وكل من خلف بعدهم أن الإماتة إنما هي بيد الله تعالى لا بيد غيره ، فلا معنى لخوف خائف ، ولا لاغترار مغتر ، وأنزل الله تعالى آيات قرآنية تمهد أمره للمؤمنين من أمة محمد بالجهاد والإنفاق في سبيل الله ، حتى لا يكونوا كالأمم الميتة الذين تولوا عن الإنفاق وأعرضوا عن الجهاد وانتحلوا المعاذير الواهية.
قال الله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ