المحسوس ، ولا يشعرون بحالهم. وإذا دعوا إلى الإيمان سخروا من المؤمنين وو صفوفهم بأنهم سفهاء ضعفاء العقول جهلاء ، وهم السفهاء في الواقع. قال تعالى :
(وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ (١١) أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ (١٢) وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ قالُوا أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ وَلكِنْ لا يَعْلَمُونَ (١٣)) [البقرة : ٢ / ١١ ـ ١٣].
ومن صفات المنافقين : إظهار الإيمان استهزاء ، وإذا خلوا إلى شياطينهم وزعمائهم من اليهود وأهل الفساد قالوا لهم : إنا معكم. قال ابن عباس : «توجه أبو بكر وعمر وعلي ، رضي الله عنهم ، إلى عبد الله بن أبي وأصحابه من اليهود ، فلما رآهم ابن أبي قال لأصحابه : انظروا كيف أردّ هؤلاء السفهاء عنكم بمعسول القول ، فلما حضروا أخذ يمدحهم الواحد بعد الآخر في الدين والسّبق إلى الإسلام ، فقال لأبي بكر : مرحبا بالصّدّيق شيخ الإسلام ، وقال لعمر : مرحبا بسيد بني عدي الفاروق القوي في دين الله ، وقال لعلي : مرحبا بابن عم رسول الله وختنه (صهره) سيد بني هاشم ، ثم قال لأصحابه بعد أن انصرف هؤلاء الصحابة : كيف رأيتموني فعلت؟ فأثنوا عليه خيرا (١) ، فأنزل الله : (وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ (٢) قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (٣) أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَما كانُوا مُهْتَدِينَ) [٢ / ١٤ ـ ١٦]
ثم ضرب الله مثلين للمنافقين :
__________________
(١) قال السيوطي : هذا الإسناد واه جدّا.
(٢) انصرفوا إليهم وانفردوا معهم.
(٣) أي يتحيرون يترددون في تجاوزهم الحدّ وغلوهم في الكفر.