الطاعة والولاء أساس المحبة
يزعم بعض الناس أنهم يحبون الله ورسوله ، ولكنهم لا يتبّعون شيئا من أوامر الله ورسوله ، ولا يلتزمون جادة الطاعة ، وتراهم في واد وأحكام الشرع في واد آخر ، ومثل هذا الموقف لون من ألوان التناقض الذي لا يقره شرع ولا عقل ، ونوع من أنواع الازدواجية الممقوتة التي يلبس فيها الإنسان لباسين ويتحلى بحلتين.
فمن أهم ركائز المحبة إظهار الطاعة ، والانقياد للأوامر الإلهية ، لذا قال الإمام الشافعي :
تعصي الإله وأنت تظهر حبه |
|
هذا لعمري في القياس بديع |
لو كنت تظهر حبه لأطعته |
|
إن المحب لمن يحب مطيع |
وتكررت أوامر القرآن الكريم بالطاعة ، فقال الله سبحانه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ (٢٠)) [الأنفال : ٨ / ٢٠]. ووبّخ أولئك الذين يدّعون محبة الله ورسوله ، ويعصون أوامرهما ، فقال سبحانه : (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣١) قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ (٣٢)) [آل عمران : ٣ / ٣١ ـ ٣٢].
ذكر العلماء عدة أسباب متشابهة لنزول هذه الآية ، ولا مانع من تكرار الأسباب ، واتحاد الجواب ، قال الحسن البصري وابن جريح ، زعم أقوام على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنهم يحبون الله ، فقالوا : يا محمد ، إنا نحب ربنا ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقال ابن عباس : وقف النبي صلىاللهعليهوسلم على قريش ، وهم في المسجد الحرام ، وقد نصبوا أصنامهم ، وعلّقوا عليها بيض النّعام ، وجعلوا في آذانها الشنوف (١) ، وهم يسجدون
__________________
(١) أي حلي الآذان.