اختيارا موفقا يؤدون فيه مهامهم أداء حسنا. غير أنه مع الأسف الشديد يرفض بعض الجهلاء هذا المبدأ العقلي السليم ، فهؤلاء المشركون وأهل الكتاب كانوا ينكرون على النبي محمد صلىاللهعليهوسلم نبوته ؛ لأنه بشر مثلهم ، وليس من بني إسرائيل ، فيرد الله عليهم : إن الله اصطفى آدم أبا البشر ونوحا الأب الثاني ، واصطفى من ذريتهما آل إبراهيم ، ومن آل إبراهيم آل عمران.
والمشركون الوثنيون يعترفون باصطفاء آدم ونوح وآل إبراهيم ، لأنهم من سلالته ، وبنو إسرائيل يعترفون بهذا وباصطفاء آل عمران ، لأنهم من سلالة (إسرائيل) يعقوب حفيد إبراهيم.
وإذا كان الله اصطفى هؤلاء على غيرهم من غير مزية سبقت ، فما المانع من اصطفاء محمد صلىاللهعليهوسلم بعد ذلك على العالمين ، كما اصطفى آل عمران على غيرهم. واصطفى : أي اختار صفو الناس.
لقد أوضح القرآن الكريم سنة الله تعالى في اختيار الرسل ، فقال : (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ (٣٣) ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٣٤)) (١) [آل عمران : ٣ / ٣٣ ـ ٣٤].
والمعنى : إن الله اختار آدم أبا البشر ، فجعله نبيا إلى بنيه ، واختار الله نوحا وجعله أول رسول بعث إلى الناس لما عبدوا الأوثان ، وانتقم الله بإغراقهم ، ونجاته هو ومن اتبعه. واختار الله للنبوة والرسالة آل إبراهيم الخليل ، ومنهم سيد البشر وخاتم النبيين محمد. واصطفى الله من ذرية إبراهيم آل عمران ، وعمران هذا : هو أب مريم وجدّ عيسى عليهالسلام.
__________________
(١) اختار.