المحاجة في شأن إبراهيم ، وأنه كان قبل نزول التوراة والإنجيل ، فلم يكن إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ، ولكن كان حنيفا أي مائلا عن الشرك بالله والوثنية ، وكان مسلما أي منقادا لله سبحانه وتعالى ، وما كان من المشركين كمشركي العرب.
وإن أحق الناس وأجدرهم بشرف الانتماء إلى إبراهيم هو محمد رسول الله والمؤمنون بدعوته ، وهؤلاء هم أتباع إبراهيم حقا ، لاتفاقهم معه في الوحدانية والألوهية لله تعالى ، والله ولي المؤمنين وناصرهم ، قال الله تعالى مبينا القول الفصل في ملة إبراهيم وفي المحاجة التي أثيرت حوله :
(يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْراهِيمَ وَما أُنْزِلَتِ التَّوْراةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلاَّ مِنْ بَعْدِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (٦٥) ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ حاجَجْتُمْ فِيما لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٦٦) ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٦٧) إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (٦٨)) (١) (٢) (٣) [آل عمران : ٣ / ٦٥ ـ ٦٨].
وسبب نزول هذه الآية : أن اليهود سألوا النبي صلىاللهعليهوسلم فقالوا : والله يا محمد ، لقد علمت أنّا أولى بدين إبراهيم منك ومن غيرك ، وأنه كان يهوديا ، وما بك إلا الحسد ، فأنزل الله تعالى هذه الآية : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا ..) قال النبي صلىاللهعليهوسلم فيما رواه سعيد بن منصور عن ابن مسعود : «لكل نبي ولاة من النبيين ، وإن وليي منهم أبي ، وخليل ربي عزوجل» ثم قرأ هذه الآية.
__________________
(١) مائلا عن الباطل إلى الدين الحق.
(٢) منقادا لله مطيعا موحدا.
(٣) ناصرهم ومجازيهم بالحسنى.