فذكروا ما بينهم ، فثار بعضهم إلى بعض بالسيوف ، فأتى النبي صلىاللهعليهوسلم ، فذكر ذلك له ، فذهب إليهم ، فنزلت هذه الآية : (وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلى عَلَيْكُمْ آياتُ اللهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ ..) [آل عمران : ٣ / ١٠١](وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا).
أعدّ الله الأمة للاجتماع والاتحاد ، فأمر الجميع بتقوى الله تعالى ، والمعنى : يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله اتقاء حقا شاملا فيما استطعتم ، أي بالغوا في التقوى ، وأدوها كاملة حتى لا تتركوا شيئا من المستطاع ، وذلك بالتزام أوامر الله واجتناب نواهيه ، بأن يطاع الله فلا يعصى ، ويشكر فلا يكفر ، ويذكر فلا ينسى ، ومعنى قوله تعالى : (وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) : دوموا على الإسلام حتى يوافيكم الموت وأنتم عليه ، والإسلام : هو المعنى الجامع للتصديق في القلب وأداء الأعمال ، وهو الدّين عند الله ، وهو الذي بني على خمس معروفة.
وبعد توحيد العقيدة والعمل ، أمر الله تعالى بالتمسك بكتاب الله وعهده واتباع سنة نبيه ، وهذا هو حبل الله ، وتسمى العهود والمواثيق حبالا ، وحبل الله الذي أمر باتباعه : هو القرآن ، أخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «كتاب الله : هو حبل الله الممدود من السماء إلى الأرض».
ثم نهى الله عن التفرق أبدا ، فإن الداء العضال في الفرقة والانحلال. ويكون التزام الجماعة بعد الاعتصام بالكتاب والسنة هو سبيل الوحدة ، والبعد عن التفرق. أخرج الإمام أحمد عن أنس بن مالك عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «إن بني إسرائيل افترقوا على إحدى وسبعين فرقة ، وإن أمتي ستفترق على اثنتين وسبعين فرقة ، كلها في النار إلا واحدة قيل : يا رسول الله ، وما هذه الواحدة؟ فقبض يده وقال : الجماعة ، ثم قرأ : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا).
وقد كان العرب الجاهليون في حروب مستعرة وعداوات وأحقاد ، وبخاصة